الإنفلونزا التي أضحت مصدر خطر يهدد البشرية، ومصدر ربح لمخابر الطب والصيدلة هي فيروس ، بعضه ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان. وخلال العقد الأخير سمعنا بعدة إنفلونزات، من إنفلونزا الطيور إلى انفلونزا الخنازير مروا بجنون البقر، والحمى المالطية وغيرها كثير. هدا النوع من الفيروسات يهدد حياة البشر فعلا، حسب التقارير الإعلامية والطبية الواردة من هنا وهناك، لكن هناك نوع آخر من الإنفلونزا تهدد الشخصيات ، وهي انفلونزا الإستوزار، أي كل من يريد أن يصبح وزيرا يصاب بهذا النوع من الفيروسات، وهو فيروس لا يقتل لكن أعراضه عديدة ، وأحيانا تكون أشد من القتل. أما في العلاقات بين الدول فهناك أيضا أنواع أخرى من الفيروسات، شبيهة بإنفلونزا الخنازير والطيور وجنون البقر، إنها انفلونزا التاريخ ، التي تعكر صفو العلاقات بين الجزائروفرنسا ، وتحول دون التأسيس لعلاقات صداقة وتعاون صافية وبعيدة عن الحسابات الإستعمارية أو عن عقدة المستعمر. هدا الفيروس بحاجة للقاح فعال أكثر من لقاحات إنفلونزا الخنازير، ففي كل مناسبة تاريخية تعود إلى الواجهة الإعلامية والسياسية أحاديث عن الإعتذار والإعتراف والتعويضات وما شابه، وقد بدأت فرنساوالجزائر خطوات صغيرة على هذا الطريق بوصفها لقاحات فعالة، بدأت بالحديث عن اتفاق صداقة بين البلدين على طريقة اتفاق الصداقة بين فرنسا وألمانيا، لكن فجأة ظهر " أنفلونزا الخنازير التاريخية " وعرقلت التوجه عندما أعلن البرلمان الفرنسي عام 2005 عن قانون 23 فبراير الممجد للإستعمار، ثم تم التراجع عن بعض البنود كخطوة أخرى صغيرة. وبمناسبة 8 ماي 1945 بدأ حديث جديد عن تثمين الخطوات الصغيرة القادمة من باريس، كتلك المتعلقة بتعويض ضحايا التجارب النووية، أو كتلك التي تصف مجازر 8 ماي بالمشينة أو كتلك الأيام الدراسية حول الظاهرة المرتقبة في باريس يومي 6 و 7 ماي القادم وغيرها. وعشية زيارة بوتفليقة لباريس ظهرت انفلونزا جديدة تعقد " انفلونزا التاريخ " وهي " توقيف الجنرال عطايلية " لاستجوابه في قضية وصفتها الصحافة بالعائلية، وربما ستعرف القضية تطورات باعتبار عطايلية صمن جنرالات جيش التحرير ولا يصنف ضمن " ضباط فرنسا "، وربما تأخذ أبعاد كتلك التي عرفتها قضية الدبلوماسي حساني. ليس مستبعدا أن إنفلونزا التاريخ ، مثل أنفلونزا الخنازير والطيور .. تترك ضحايا ، لكن في الوقت نفسه تترك مستفيدين الذين يبيعون العقارات الطبية والصيدلانية واللقاحات. من المستفيد ومن الضحية .. الله أعلم.