طالب رؤساء الكتل البرلمانية بمجلس الأمة أمس حكومة أحمد أويحيى بخوض حرب ضد مظاهر الفساد والرشوة، كما ألحوا على ضرورة تشديد الرقابة في استغلال المال العام، وترشيد النفقات العمومية، خاصة نفقات التسيير، وحمّل أعضاء الغرفة البرلمانية العليا الحكومة مسؤولية وضع أرضية مناسبة لاستغلال الغلاف المالي الذي رصده الرئيس بوتفليقة للبرنامج الخماسي، والعمل على تقليص فاتورة الاستيراد. أنهى أعضاء مجلس الأمة أمس مناقشتهم لمخطط عمل الحكومة، بتدخلات رؤساء الكتل البرلمانية الممثلة في الغرفة البرلمانية العليا، الذين أثاروا جملة من القضايا ذات الصلة بتجسيد البرنامج الخماسي للرئيس بوتفليقة الذي زكاه الشعب الجزائري في رئاسيات 9 أفريل الفارط، وقد ركز رؤساء المجموعات البرلمانية على ملفات المصالحة الوطنية والشباب وبناء اقتصاد وطني قوي بديل عن اقتصاد المحروقات، كما وجه المتدخلون توصيات للحكومة للحرص على تهيئة الأرضية المناسبة والمناخ الملائم لضمان التطبيق الفعلي لبرنامج الرئيس على أرض الواقع. فمن وجهة نظر عبد القادر كمون رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني فإنه لا يمكن مناشدة تنمية اقتصادية في غياب الأمن والاستقرار، وهو ما يستدعي في رأيه التركيز على المصالحة الوطنية والعمل على تسوية جميع الملفات العالقة والخاصة بضحايا المأساة الوطنية، كما شدد كمون على أهمية التسيير العقلاني لموارد الدولة والتعجيل دون مماطلة في إصلاح الإدارة وعصرنتها ومراجعة قانوني البلدية والولاية وتكوين المنتخبين، وفي عودته إلى انجازات الرئيس بوتفليقة في السنوات المنقضية أشاد المتحدث بخطوة تقليص المديونية الخارجية والدعم الموجه لقطاع الفلاحة باعتباره على رأس القطاعات الحيوية في البلاد، وخصّ بالذكر القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس بوتفليقة في فيفري الفارط والذي مسح بموجبه ديون الفلاحين والموالين والتي تتجاوز 40 مليار دينار. أما عبد الله بوسنان مقرر كتلة الثلث الرئاسي فقد توقف في مداخلته عند ملف الشباب، وقال إن هذه الثروة البشرية التي تزخر بها الجزائر إذا لم تحظ بالاهتمام وإشراكها في صنع القرار خاصة في القضايا التي تهمها يمكنها أن تتحول إلى قوة هدامة للمجتمع، ودعا بوسنان الحكومة إلى إرساء حوار دائم ومفتوح بين القوى السياسية والمجتمع المدني بعيدا عن الحوار المناسباتي، معتبرا أن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة النقائص والمشاكل المطروحة والفضاء الوحيد لبلورة الحلول، كما أثار المتحدث الآفات الاجتماعية التي تنخر الاقتصاد الوطني على غرار الفساد والرشوة التي أصبحت تطبع مختلف المعاملات المالية والاقتصادية، وطالب بوسنان الحكومة بأن تخوض حربا حقيقية ضد الفساد في السنوات الخمس المقبلة لأنه لم يعد معقولا من وجهة نظره تحقيق إقلاع اقتصادي دون التصدي للمتورطين في الفساد، وأكد المتحدث على ضرورة دعم المنتج الوطني وتقليص فاتورة الاستيراد تحضيرا لاقتصاد ما بعد البترول. ومن جهته ركز ناصر بوداش رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي على فاتورة الاستيراد التي تثقل كاهل البلاد، مشددا على الحكومة بضرورة العمل على تقليصها وأن يقتصر الاستيراد على المواد والسلع الضرورية فقط، ودعا إلى وضع حد لما وصفه باقتصاد "استيراد/استيراد" وإقامة استثمار عمومي قوي لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية. على صعيد آخر عاد بوداش إلى نهائي كأس الجمهورية لكرة القدم والظروف التي نظم فيها اللقاء بين أهلي البرج وشباب بلوزداد، مطالبا الحكومة باتخاذ إجراءات عقابية ضد المتسببين في المعاناة التي لحقت بأنصار أهلي البرج والذين قضوا يومهم دون ماء وأكل. أما محمد يحياوي رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم فقد طالب الوزير الأول بتحسين العلاوات الممنوحة للمنتخب المحلي والتعجيل بالقوانين الخاصة للوظيف العمومي، وترشيد النفقات العمومية وخاصة نفقات التسيير، وفي حديثه عن تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني فقد اعتبر المتدخل أن تشجيع البنوك الإسلامية من شأنه أن يكون ضمن الحلول المقترحة للحد من هذه التداعيات. ومن المنتظر أن يرد اليوم الوزير الأول أحمد أويحيى على انشغالات أعضاء مجلس الأمة التي استمع إليها طيلة اليومين الماضيين، قبل عرض خطة العمل للتصويت، وجدير بالذكر أن مخطط عمل الحكومة حظي بثقة أغلبية نواب المجلس الشعبي الوطني.