انتقد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الازدواجية التي تطغى على التزام العديد من دول منطقة المتوسط تجاه ملف الهجرة، داعيا إياها إلى وضع تصور شامل ومدمج لهذه الإشكالية في إطار احترام الكرامة الإنسانية، وهذا من خلال الشراكة المفيدة والمتوازنة بين شمال ضفة المتوسط وجنوبها، واعتبر بلخادم أن التدفق الهائل لتنقل الأشخاص بين ضفتي المتوسط يسهم في خلق شبكة من العلاقات الإنسانية التي ينبغي علينا تثمينها في إطار ترقية العلاقات بين بلدان المنطقة. قال عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية خلال الكلمة التي ألقاها أثناء مشاركته في منتدى كرانس مونتانا أنه بالرغم من اعتماد الإتحاد الأوربي لتصور يسعى إلى أن يكون شاملا في مجال التعامل مع ملف الهجرة إلا أن القاعدة التشريعية والتنظيمية تتوجه أكثر نحو مسعى انتقائي وأمني يلاحظ على أكثر من مستوى. وأعرب بلخادم خلال لقاء تحت عنوان "الهجرة والأمن" برئاسة نائب رئيس المفوضية الأوروبية المكلف بالعدالة والشؤون الداخلية جاك بارو عن أسفه إزاء الازدواجية التي تطغى على التزام العديد من دول المنطقة الأورومتوسطية خلال مختلف الندوات الإقليمية والدولية المخصصة لملف الهجرة، معتبرا أن توصل هذه الندوات إلى ضرورة معالجة شاملة ومتوازنة للهجرة خرج بمحدودية الحلول الأمنية ميدانيا وهي الحلول التي لا تزال تفضلها هذه الدول، ولم يغفل بلخادم أن يقدم مثالا على ذلك نتائج قمة مجلس الإتحاد الأوروبي الأخيرة (18-19 جوان) التي أكدت على ضرورة تعزيز المفوضية الأوربية أكثر لمكافحة الهجرة غير الشرعية، إلى جانب المطالبة بجواب قائم على الصرامة، وأضاف بلخادم أنه وبالرغم من اعتماد الإتحاد الأوربي لتصور يسعى إلى أن يكون شاملا إلا أن القاعدة التشريعية والتنظيمية تتوجه أكثر نحو مسعى انتقائي وأمني يلاحظ على أكثر من مستوى. وأوضح ممثل رئيس الجمهورية قائلا" أنا أنتمي إلى موطن الذين طالما اعتبروا أن تصورا شاملا ومدمجا لإشكالية الهجرة يضع الإنسان وحقوقه الأساسية في محور انشغالاته ويقوم على روح الشراكة المتوازنة التي تعود بالفائدة على كل الأطراف ويمكن أن يساعدنا على تسيير هذا الملف بالطريقة الناجعة". وانتقد بلخادم التصور الأوروبي للهجرة، واصفا إياه بالانتقائي لأنه يشجع الهجرة الانتقائية تمكن رعايا دول العالم الثالث المؤهلة من العمل بالدول الأعضاء بالإتحاد الأوربي، مضيفا في نفس السياق، أن هذا التصور أمني حيث أنه يركز على مكافحة الهجرة غير الشرعية ووضع ترسانة قانونية عبر "تعليمة العودة" والالتزامات التي تضمنها الميثاق الأوروبي حول الهجرة غير الشرعية الذي يدعو إلى تعميم استعمال التأشيرات البيومترية في آفاق 2012 وتعزيز الأنظمة الموجودة مثل أنظمة الإعلام الآلي "شنغن" و تخصيص رحلات خاصة لعمليات طرد المهاجرين غير الشرعيين. وعلى صعيد آخر، أوضح بلخادم أن مفهوم ثلاثي الهجرة والأمن والتنمية" يتطلب مفهوما شاملا يقوم على طرق التشاور الفعلي". وأكد بلخادم أن الوضع الذي يلفت الانتباه في هذا الصدد هو الوضع السائد ببلدان الساحل الذي تستغله شبكات الممررين التي تربط علاقات مع الإرهاب من خلال عمليات الاختطاف والمتاجرة بالأفراد، معتبرا أن الوضع زاد تعقيدا بسبب ممارسة دفع الفدية حيث وجد الإرهاب مصدرا جديدا للتمويل من خلال تصعيد ظاهرة الهجرة حيث وجد اللاأمن في الفقر أرضا خصبة، وبخصوص العوامل المشجعة لظاهرة الهجرة أوضح بلخادم أن التجربة الخاصة بالجزائر التي أضحت بلدا أصليا وبلد عبور واستقرار للهجرة وكذا بلدان أخرى من جنوب المتوسط تبرز أن ظاهرة الهجرة تستجيب لعدة تحديات وعوامل إنسانية واقتصادية واجتماعية وأمنية. وانطلاقا من هذه المعاينة أكد أن الجزائر تواصل التفكير في ضرورة بحث مسألة الهجرة من زاوية التنمية والتكفل بأسبابها العميقة، معربا عن أسفه للنظر اليوم إلى الهجرة بشكل محتقر وبنظرة تؤكد أنها مصدر سوء تفاهم وخلافات"، ولافتا إلى أن الهجرة كذلك هي فرص التبادل والامتزاج الاجتماعي والثقافي والمشاركة الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطور الأوروبيين وبخلاصة عامل تقارب لن تضر به الهجرة غير القانونية التي نكافحها كلنا". وقال الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية أن الجزائر ترى في وجود مجموعات معتبرة من بلدان جنوب المتوسط المقيمة بأوروبا وكذا التدفق الهائل لتنقل الأشخاص بين ضفتي المتوسط "إسهاما في خلق شبكة وافية من العلاقات الإنسانية التي ينبغي علينا تثمينها في إطار ترقية العلاقات بين بلدان المنطقة.