قدم عميد كلية العلوم السياسية والإعلام الدكتور أحمد حمدي مداخلة تطرق فيها إلى الحديث عن جذور الخطاب الإيديولوجي للأفلان، حيث أكد أن مرجعيات حزب جبهة التحرير الوطني تعود إلى التراث الفكري بدءا من حمدان خوجة، الأمير عبد القادر، الأمير خالد، وكذا نجم شمال إفريقيا، مشيرا إلى أنها خلاصة للإنتاج الإيديولوجي الجزائري في مواجهة الاستعمار الفرنسي. وأوضح حمدي أن المسار السياسي يندمج مع التاريخ الحديث والمعاصر للجزائر، حيث عاد للحديث عن كيفية جمع الأفلان لخطابه أثناء الثورة وخلال الاستقلال وبعده وكذا المرجعيات التي استندت عليها جبهة التحرير الوطني لصياغة الخطاب، مشيرا في هذا الشأن إلى أن وجود أنواع عديدة من الخطابات من بينها الخطاب التقليدي الذي يأتي من خلال إتباع الإنسان لمن سبقه وهو متوارث، وكذا الخطاب الإصلاحي الذي أتى في عصر النهضة. ومن بين الخطابات التي تطرق إليها الدكتور هو الخطاب الاندماجي الذي هو ناتج عن الظاهرة الاستعمارية التي أفرزت نخبة متعلمة تقوم بوظيفة الوسيط، إضافة إلى الخطاب الثوري النابع من الأوساط الشبانية التي تحمل نزعة ثورية وترى أن الحل في الكفاح الثوري، حيث تبلور هذا الأخير في المنظمة السرية الذي يدعو إلى التغيير الثوري من حيث الأهداف، كما عرج عميد الكلية على الخطاب الوطني الذي اكتسى صلابة واضحة على مر السنين أين تعرض للحل في العديد من المرات. وتحدث حمدي مطولا عن خطاب أول نوفمبر، حيث أكد أن كل كلمات ومفردات هذا الخطاب لديها دلالة قوية وواضحة، مشيرا إلى أن خطاب أول نوفمبر كتب في الوهلة الأولى باللغة الفرنسية وترجم إلى العربية، حيث استند الأستاذ إلى البيان الذي نشر في يومية "المجاهد" سنة 1957 باعتبارها أقدم نسخة، وقد دقق في مفردات الخطاب الذي تكررت فيه كلمات الوطنية والوطن 17 مرة، بالإضافة إلى كلمة الكفاح والنضال التي هي الأخرى كتبت 13 مرة، والاستعمار 10 مرات، العمل، الشغل، التحرر والقومية تكررت كذلك 7 مرات عن كل مفردة، مشددا على أنها مفردات أساسية في حزب جبهة التحرير الوطني. وأكد حمدي أن العلاقة بين المسار السياسي والإيديولوجي وتاريخ الجزائر الحديث والمعاصر تنطوي على اندماج كلي وتداخلات أدت ببعض الكتاب إلى عدم التفريق بين المسارين ويعود ذلك إلى دور الجبهة في صياغة الكيان الجزائري الحالي، ويظهر ذلك من خلال تمكنها من صياغة خطابها بما يجمع تراث الحركة الوطنية والتعبير عن تطلعات المجتمع الجزائري منذ اندلاع ثورة التحرير، مشيرا إلى أن المرجعية الفكرية لحزب جبهة التحرير الوطني هي خلاصة للإنتاج الإيديولوجي الجزائري في مواجهة الاستعمار، كما أنها حصيلة لتصور بناء الدولة الحديثة. ومن خلال تحليل مسارات الخطاب الجبهوي، يرى الدكتور حمدي بأنه يوحي إلى أن جبهة التحرير الوطني حركة سياسة جامعة وذات رؤى وطنية، كما أنها ذات تسيير ديمقراطي تتماشى والمبادئ الإسلامية، مضيفا بأن الأفلان قبل 1962 جمع كل الجزائريين الذين يؤمنون بالاستقلال وجمع المناضلين بعد الاستقلال.