أول أمس، بدعوة من جمعية العلماء المسلمين فرع براقي، حيث ألقى محاضرة قيمة بمسجد البشير الإبراهيمي، ونزل قبل ذلك ضيفا على البلدية أين تشرف بتكريمه رئيس المجلس الشعبي البلدي، شافعة عز الدين، بحضور أعضاء المجلس وعدد من أئمة البلدية• ''الفجر'' التقته على هامش هذا التكريم واقتربت من أفكار الداعية السوري•• بداية•• هذه ليست الزيارة الأولى لك إلى الجزائر، ماذا يمكنك أن تقول عن الجولات التي قادتك إلى منطقة بريان، وباقي مناطق الوطن؟ أذهلني جداً الاستقبال الكبير الذي حظيت به في مختلف مناطق الجزائر التي زرتها، وأغتنم هذه الفرصة للتعبير عن اعتزازي الشديد بهذا الشعب الثائر، خلال زيارتي إلى مدينة غرداية، وبالتحديد إلى منطقة بريان وهي الكلمة ذاتها التي عملت على توصيلها إلى كافة الشعب الجزائري، حيث سعيت من خلال محاضراتي إلى التأكيد على ضرورة بناء أمة إسلامية متحدة فيما بينها، فمن واجبنا كمسلمين أن نكون معا في السراء والضراء، وفيما يخص الزيارة الى الجزائر، أؤكّد أن هناك تطابق عجيب بين بلدي سوريا وبلدي الجزائر، سواء في الإيجابيات أوالسلبيات•• كانت عندي رغبة شديدة لهذا اللقاء الطيب منذ مدة طويلة، والحمد لله ساعد كثيراً في زيارتي إليكم اليوم التوافق التام بين الحكومتين الجزائرية والسورية، مكن من جعل اللقاء سهلا جداً، حتى أنني حين تنقلت بين مناطق الجزائر، شعرت وكأنني أتنقل بين محافظات سوريا، وهذابفضل الله عز وجل، ومحبة شعب هذا البلد للعلم والعلماء•• أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعمقها أكثر وأكثر وفي مختلف الميادين، ونسأل الله أن يكون هذا البلد سخياً، كريماً، معطاء على الدوام وأن يسود أهله الأمن والاستقرار والحب• كل من زار الجزائر من الدعاة إلا وأدلى بدلوه في مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحه الرئيس، والهادف إلى القضاء على ظاهرة التطرف• فماذا يقول فضيلة الشيخ ؟ بالنسبة لظاهرة التطرف، أنا أقول إن هذه الحكومة الرشيدة عندما تسمح للإسلام المعتدل لا يدخلها التطرف، لأن التطرف يأتي من إلغاء الدين كلية فإذا سمح لإسلام معتدل، إسلام التوازن والحب وإسلام التعايش والعطاء والحوار يلغى التطرف، أما إذا لم يسمح له ويلغى يبدأ التطرف في الأقبية وفي الأماكن التي لا تضاء، فالحكومة تسمح الآن للإسلام المعتدل•• والدليل هذه المحاضرات واللقاءات واستقبال الأئمة كله بفضل التوجه الجديد الذي تنتهجه الحكومة والمؤمنة بأن الإسلام أوالدين لهذه الأمة كالهواء تماما لا يمكن لأحد أن يحتكره، ولا يمكن منعه•• وكما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والمسألة للتوضيح ''إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه'' أي إن لم تفعلوا تنقلب القضية إلى سفاح، فالأمر يتعلق إما بالسفاح أوالنكاح•• فالأمة بحاجة الى الدين•• الدين الوسطي الذي سيلغي التطرف كله وهذا نتاج المصالحة الوطنية• وأثمن هذا المشروع على أرض الجزائر الطاهرة، وما أحوجنا إلى حكومة تسمح بالإسلام من خلال المحاضرات الهادفة والتي تخدم حال الأمة، إن شاء الله• دعت أطراف عديدة مؤخرا إلى إلغاء قانون الإعدام، فكيف تنظرون إلى مثل هذا المطلب الحسّاس؟ موضوع إلغاء حكم الإعدام قضية اختصاصية، لكن القاعدة العربية القديمة تقول ''القتل أنفى للقتل'' ويقول سبحانه وتعالى: ''ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب''• ودول كثيرة بعد أن ألغت هذا الحكم نفذت بعض هذه الأحكام، لذلك أنا أعتقد أن القتل أنفى للقتل، أما إذا كان فيه توجه آخر فهذا يحتاج إلى اختصاصيين، وهذا شيء متعلق ببلد أنا لا أعيش فيه• أكيد أنك سمعت عن قضية الحرافة في الجزائر أو الهجرة غير الشرعية، وعن أطراف دعت إلى تجريمها، ما رأيك في الموضوع؟ والله بلد غني مثل الجزائر وفيه تعايش وفيه مشروع مصالحة وطنية شاملة، كما فيه ثروات كبيرة جدا وأراضي زراعية ممتدة، والله لا أقبل ولا أسمح للشباب بالمغادرة، فأكثرهم يغرقون في عرض البحر• أما بالنسبة لقضية تجريمهم فالقضية قانونية واختصاصية، وأنا لست مختصا في هذا الموضوع• في كل مرة ترسل رسالة إلى شباب الجزائر• فماذا أرسلت لهم في هذه الزيارة؟ = شباب الجزائر اليوم أصبح أكثر علماً بضرورة خدمة وطنه وأمته، ونحن نتوسم فيكم الخير دوماً، وأنا كغيري أحمل لهم دائما رسالة المحبة والسلام والأخوة التي تربطنا كأمة إسلامية واحدة، وأدعو الى الاهتمام به اهتماما بالغا، لأن كون الشباب اليوم يقع تحت وطأة تطرفين•• تطرف متشدد يبدأ بالتكفير وينتهي بالتفجير، وتطرف تساهلي يبدأ بإلغاء الدين وينتهي بالإباحية• الكلام عن التطرف يأخذنا إلى الحديث عن الفتاوى التي أصبحت تغزو الفضائيات•• أصبح لكل معصية فتوى، وبرأيي العبرة بالتقوى لا بالفتوى ولو أن إنسانا التقى برسول الله المعصوم، واستطاع أن ينتزع من فمه الشريف فتوى لصالحه ولم يكن محقا لا ينجو من عذاب الله، وأرى أن الفتاوى لا تقدم ولا تؤخر، ومؤخرا قمت بجمع مجموعة من الفتاوى من عدد من الفضائيات• وهي غير صحيحة وعرضتها في خطبة جمعة وقلت في نهاية الخطبة '' خذوا دينكم على الأرضيات لا الفضائيات''• يدعو الكثير إلى ما يدعى حوار الحضارات، ومؤخرا كان لنا لقاء مع مستشرق بولوني وقال إنه ضد هذه الفكرة أصلا، فهل أنت مع أم ضد؟ نحن مع الحوار بدل القتال، ونحن نرى أن مصطلح التعايش مع الآخرين هو مصطلح حديث، فالنبي صلى الله عليه وسلم، حين جاء إلى المدينةالمنورة، وجد فيها أوس وثنيين وخزرج وثنيين، ووجد فيها أيضاً أوس مسلمين وخزرج مسلمين، كما وجد فيها اليهود والنصارى والأعراب فقال حينذاك ''أهل يثرب أمة واحدة، سلمهم واحدة وحربهم واحدة''•• فنحن أمام تحديات مشتركة الأمر الذي أسس مصالح مشتركة بين الجميع، مما يخلق نوعا من التعايش، لذا فنظام التعايش نظام أساسي في الدين•