على غير عادتها، انتقدت إدارة أوباما تقريرا بريطانيا يفضح إساءات وانتهاكات الجنود الأمريكيين ضد المعتقلين والمعتقلات العراقيين بسجن أبو غريب، هذه الإدارة نفسها كانت نشرت منذ أسابيع قليلة مذكرات سرية عن استخدام وكالة المخابرات الأمريكية "سي أي إيه" للتعذيب في استجواب معتقلي غوانتانامو. يوحي الانتقاد اللاذع الذي وجهته واشنطن إلى الصحافة البريطانية، بعد نشرها تقريرا مصورا يكشف مشاهد اغتصاب وانتهاكات جنسية، حاولت الإدارة الأمريكية منع نشرها، بازدواجية المعايير التي تتبناها واشنطن في سياساتها. حيث عمد الرئيس الأمريكي الجديد منذ أسابيع قليلة إلى نشر ما سماها بأربع مذكرات سرية تتضمن استخدام وكالة الاستخبارات الأمريكية أساليب تعذيب محظورة دوليا أثناء استجواب المساجين في غوانتانامو، لكن هذه الإدارة نفسها تحاول اليوم التستر على فضائح الجنود الأمريكيين وانتهاكاتهم الجسيمة ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب. ويبدو أن الفرق بين الحادثتين يكمن في انعكاسات كل منهما وتأثيرهما على الرأي العام الأمريكي والدولي، فنشر استخدام "سي أي إيه" أساليب التعذيب يزيد من تشويه صورة الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، الذي أعطت إدارته السابقة الضوء الأخضر لمثل هذه الممارسات، لكنه لا يضر بباقي المسؤولين الأمريكيين الذين لازالوا يحتلون مراكز مهمة في الإدارة الأمريكية، لأن أوباما تعهد بعدم محاسبتهم وأعفاهم من أية متابعة قضائية. لكن الإدارة الأمريكيةالجديدة نفسها عملت على التستر على الصور التي تفضح انتهاكات جنسية ضد العراقيين من النساء والرجال على حد سواء في أبو غريب، بل وهاجمت الصحافة البريطانية جمعاء بعد نشر صحيفة "ديلي تلغراف" تقرير بالصور، لان الأمر يختلف بالنسبة لسجن أبو غريب، فمثل هذه الانتهاكات تتعلق بالبنتاغون من جهة وبتأثير مثل هذه الصور وردود الأفعال التي ستثيرها في العراق، حيث مازالت القوات الأمريكية متواجدة والمشاكل التي يمكن أن تواجهها هذه القوات إذا نشرت هذه الصور هناك. للإشارة، كانت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية نشرت في عددها الصادر الخميس عن الضابط المتقاعد من الجيش الأمريكي، الميجر جنرال أنطونيو تاجوبا، الذي أجرى تحقيقا عام 2004 في الإساءات في سجن أبو غريب العراقي قوله، إن الصور تتضمن مشاهد تعذيب وإساءة واغتصاب وكل سلوك شائن. وذكرت الصحيفة أن صورة واحدة على الأقل تظهر جنديا أمريكيا يغتصب فيما يبدو سجينة وأن صورة أخرى يقال إنها تظهر مترجما رجلا يغتصب سجينا ذكرا. لكن الإدارة الأمريكية نفت وشككت في صحة الوقائع، وتراجعت إدارة أوباما في وقت سابق هذا الشهر وقررت محاولة منع نشر الصور التي يسعى اتحاد الحقوق المدنية الأمريكي إلى الحصول عليها عن طريق إجراء قانوني.