تطالعنا الصحف الوطنية يوميا بعناوين عريضة على صفحاتها الأولى، تكشف فضائح وتلاعبات مسؤولين بالمال العام، ويوميا نقرأ هذه الأخبار، وننتظر ماذا سيكون رد الجهات الرسمية والعدالة حول ما ينشر في الصحف، التي غالبا ما تدمغ أخبارها بالحجة الدامغة، لكن لا شيء يصدر عن هذه الجهات، عكس ما كنا نشهده في سنوات الحزب الواحد، حيث كانت الدولة تتابع كل شاردة وواردة في الصحافة، تتابع ما يكتب وتحقق في كل ما ينشر، وتضع القضايا بين يدي العدالة للنظر فيها• والمصيبة أن الجهات الرسمية أو حتى المسؤولين المعنيين بالفضائح أنفسهم لا يحركون ساكنا حول ما يكتب عنهم، مثلما حدث حول ما نشرته إحدى الصحف حول وزير الصحة التي تتهمه بإبرام صفقات مشبوهة وكأن شيئا لم يكن، مع أن الرأي العام تلقى المعلومة، صحيحة أم خاطئة لا يهم، والمهم هو أن تبدي الدولة وجودها في الساحة إما بفتح تحقيقات للوصول إلى صحة ما نشر، أو متابعة المعنيين أمام العدالة التي هي فوق الجميع، لكن لا شيء من هذا يحدث، وكأن لا أحد يعنيه أمر تبديد المال العام أو حتى كيل الاتهامات لمسؤولين من طرف صحافة غير مسؤولة، إن كان هذا هو رأي أولي الأمر منا فيما تكتبه الصحافة يوميا• أم أن في الأمر إرادة مبيتة لإفراغ الصحافة من محتواها، وجعلها تفقد مصداقيتها أمام الرأي العام، وجعلها تدور في حلقة مفرغة بحيث لن يصبح لها أي دور تلعبه سواء بالنسبة للمجتمع أو حتى المؤسسات، وبالتالي يبقى كلامها مجرد نباح لا يقدم ولا يؤخر• فإن كان القصد من عدم تحرك الجهات الرسمية حول ما ينشر من فضائح، هو ضرب مصداقية الصحافة التي بقيت، رغم الفساد التي غرقت فيه بعض العناوين، آخر قلاع الديمقراطية في الجزائر، بعد الجمود الذي أصاب الأحزاب السياسية، فإن هذا الأمر ستكون له نتائج وخيمة على البلاد، مجتمعا ودولة وسيشجع الآخر على مواصلة الفساد والتلاعب بأموال الدولة في غياب كل رقابة• ومن جهة أخرى لن تكون لهذه الصحافة مصداقية على الصعيد الدولي في حال تحاملت صحف أجنبية على الجزائر في قضية من القضايا. فلن تجد الدولة صحافة ترد بها على حملات كتلك التي تشنها من حين إلى آخر المغرب أو فرنسا التي أعادت من جديد هذه الأيام قضية رهبان تيبحرين إلى الواجهة.