خاصة وأنه اعترف بأنه عاد للتو من مهمة في الصين ليجد الأمور قد تعفنت، حيث يكون قد انطلق في معاينته من نصف المسافة فقط، وكم كان مهما لو وقف على القضية منذ بدايات الانحراف في القاهرة والحملة المغرضة المعلنة من قبل النخبة والإعلاميين في ''نون'' من الفضائيات و''نون'' من الصحف والمواقع الالكترونية على كل ما هو جزائري• وأشار الشيخ في رسالة تحت عنوان ''نداء إلى الإخوة في مصر والجزائر•• أطفئوا النار التي أوقدها الشيطان قبل أن تحرق الجميع''، إلى أنه تفاجأ للمنحى الذي أخذته المقابلة الرياضية، وبالتصعيد الإعلامي للقضية تصعيدا غير منطقي ولا موضوعي، دخل فيه التهويل واستباحة الكذب، وأنه سمع أن المصريين في الجزائر غير آمنين على أنفسهم ولا أهاليهم وأولادهم، وأمست الشركات تجمّد أعمالها، وتعيد موظفيها إلى مصر، غير أن النداء تجاهل بالمقابل صيحات وصرخات الجزائريين، التي هزت شوارع القاهرة وبلغ صداها عواصم العالم، وأغفل قاعدة عمر بن الخطاب''البينة على من ادعى واليمين على أنكر''• وخاطب القرضاوي الرئيس بوتفليقة قائلا ''وإني أنادي الرجل الذي أعتز بصداقته، الرئيس الشجاع، والقائد المصلح عبد العزيز بوتفليقة أن يبادر، فيتدارك الأمر بحكمته، ويعمل على إطفاء هذه الفتنة، التي أوقدها الشيطان بين الأخ وأخيه، وأن يستعين بالعقلاء من قومه لإطفائها، أيا كانت نتيجتها، فيكسب رضا الله وثناء العقلاء من الخلق، ويجنّب قومه عواقب وخيمة لا يكسب منها غير أعداء العرب والمسلمين''• واستطرد يقول، وهو ينقل بوضوح ''هموم'' الساسة المصريين الذين استفاقوا من جنونهم بعد قضاء حاجتهم، بعدما أفشل ''الأفناك'' تحقيق كامل أهدافهم، ألا وهي الفوز والتأهل وتحطيم إرادة الجزائريين، وتأكدوا من ذلك عقب الهبة والهمة المتجددة التي رافقت ''الخضر'' إلى الخرطوم، ''وإني لأستبعد على أبناء الشهداء، وأحفاد الأمير عبد القادر، وتلاميذ ابن باديس والبشير الإبراهيمي، أن يعتدوا على ضيوف في بلدهم، هم في الحقيقة إخوان لهم وبعضهم لا يعير لعبة الكرة أي اهتمام''• وأبدى يوسف القرضاوي أسفه لتأثر ''بعض المسؤولين بالمشاعر الغاضبة للجماهير، فانساقوا إلى أقوال لا ينبغي أن تسمع، وإلي أعمال لا يجوز أن تصدر، وأصبحنا نعيش حالة التهييج• كل يصبّ الزيت على النار حتى لا ينطفئ• وهذه لا تأكل أحد الفريقين وحده، بل ستأكل الجميع، وتلتهم الأخضر واليابس، ولن ينتصر في الحقيقة الجزائر ولا مصر، بل المنتصر الحقيقي إنما هو إسرائيل، التي تتفرج علينا، وتقول: ما أجملها من معركة يأكل العرب فيها بعضهم بعضا''• وأوضح رئيس اتحاد علماء المسلمين إن ''المعركة'' الجارية ليست معركة بدر، ولا معركة حطّين، ولا معركة عين جالوت، بل إنها مباراة توصل إلى بداية السُّلَّم في كأس العالم، وهيهات أن نصل إلى نهايته، أو إلى القرب من نهايته، كما شاهدنا خلال الدورات والسنين الطويلة• وأضاف ''وهب أنّنا وصلنا إلى كأس العالم، وحصلنا عليه فعلا، هل سيُدخلنا ذلك الجنَّة؟ ويُزحزحنا عن النَّار؟ والله لو كانت هذه نتيجة المباراة، ما جاز لنا في سبيلها أن نتخاصم وأن نتقاتل• بل هل الحصول على كأس العالم يحقّق أهداف البلد الغالب، ويحل مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية؟ لا والله• إنَّها تهاويل صُنعت لشغل الناس بعضهم ببعض''• وعاد الشيخ الى التذكير بطبيعة العلاقات بين البلدين، التي أسقطت من معادلة المصريين قبل وأثناء المقابلة، وحتى وإن ذكرت، فإنها كانتا تصب في التقليل من شأن الجزائريين والمساس بكرامتهم وثورتهم، في سياق حرب نفسية مكشوفة، ويقول ''بينكم تاريخا مشتركًا وقفتم فيه صفًّا واحدًا، ضد عدوّ مشترك، يوم قدَّم الجزائريُّون مليون ونصف مليون شهيد في معركة الحرية، ووقف المصريون وراءهم بكل ما يستطيعون: عسكرياً وإعلامياً وسياسيًّا• ويوم أرادت الجزائر أن تكمل استقلالها بتعريب التعليم، كان المصريون هم جيش التعريب في الجزائر• وهل ينسى الجزائريون دور الشيوخ المصريين، الذين كان لهم دور في التحرير الفكري والتنوير الديني في الجزائر، مثل: الشيخ الشعراوي، والشيخ الغزالي؟'' وتساءل القرضاوي عن غياب علماء وحكماء البلدين، معترفا بوقوع بعضهم في هذه المأساة أو هذه المهزلة، موجها نداء الى الشعبين باسمه واسم علماء المسلمين في العالم مفاده ''ألاّ تشمتوا بنا عدوّا، ولا تنسوا أنكم مسلمون، إلهكم الله وحده، الذي أمركم أن تعبدوه، فلا تجعلوا الكرة وثنا يعبد من دون الله• وابقوا على أخوتكم وعلى أنفسكم، واذكروا قول ربكم: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} - الأنبياء 18- وحذر النداء مما قد يحدث في الخرطوم ''إذا استمرت هذه الريح السموم المشبعة بالعداوة والبغضاء، والعصبية العمياء• هل عدنا إلى العصور الجاهلية التي كانت تقوم فيها الحروب الطويلة من أجل ناقة أو فرس، كحرب البسوس وحرب داحس والغبراء؟''، وأنهى نداءه بتبرئة ذمته مما قد يحدث قائلا ''ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد''.