''والفتنة أشد من القتل''•• إن الإعلام المصري تعامل مع الجزائريين وكأنهم العدو اللدود من أجل مباراة كرة القدم، واستهزأ الإعلام على المباشر باللاعبين وبرموز الدولة دون أن تتدخل السلطات المصرية لوضع حد لهذه التجاوزات التي كانت تنبئ عن حدوث ما لا يحمد عقباه• إن المتتبع لما قامت به وسائل الإعلام المصرية بجدية وبتدقيق يشعر وكأن السلطة المصرية أعجبتها تلك التصرفات•• ألم يعلم شعب القاهرة وحكومتها أن الجزائر بلد الثوار والعلماء والشعراء والصالحين والتاريخ المجيد المملوء بالبطولات لا يقبلون الإهانة مهما كانت الظروف المحيطة بهم، وأنه قبل كل شيء مصر والجزائر تربطهما أواصر اللغة والدين، بالإضافة إلى الروابط التاريخة والإقتصادية والسياسية والثقافية•• ألا نقول إن هناك أيد خفية لضرب العلاقات العربية الإسلامية ببعضها البعض لينشق العرب والمسلمون بين مناصر لهذا ولذاك وتضعف شوكتهم• بعدما رد الإعلام وخاصة الصحف الجزائرية على بهتان الإعلام المصري أصبح الكل لا يعجبه الحال، أهذا من الخصال الموضوعية، ضرب المصريون منتخبنا الوطني ومناصريه وسالت دماؤهم ودخلوا المستشفيات المصرية ولم تتدخل السلطة المصرية، وهونت الجزائر الأمر لكي لا تتفاقم الأمور على لسان سفيرها ووزير الشباب والرياضة اللذان حضرا الواقعة وشاهداها لقد نسي الكل أن من يتأهل يعتبر سفير وممثل العرب والمسلمين كلهم، ولكنها الأنانية وحب الذات والجري وراء المصالح الضيقة والغرور، بل تطاول الإعلام المصري الذي أراد أن يوقع بين السودان والجزائر بعدما اختير ملعب المريخ بالسودان•• أهذا كله من الحضارة والرقي والأخوة• أتمنى أن تجمع هذه الشحنة لصد إسرائيل عن العرب مع رفضنا للمراهنة والتلاعب بمصالح الأمة، ويجب على الكل أن يفهم أن الرياضة تهذب السلوك وتطور الذهنيات عكس ما تقوم به شقيقتنا مصر، وقبل وبعد كل شيء كرة القدم لعبة للترفيه والترويح عن النفس وليست لتشنج الأعصاب وتوترها• ''إن الأزمة تلد الهمة''•• إن هذه الأحداث تمخضت وأنجبت هبّة وطنية لدى الشعب الجزائري برمته كبيرا وصغيرا، تضامنا مع المنتخب الوطني ومناصريه، وهكذا صدقت مقولة الشهيد البطل العربي بن مهيدي عندما قال''أرموا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب''، وهكذا الشعب الجزائري وفي كل مرة عودنا على حبه للوطن، فهب هبة واحدة رافعا العلم الوطني معتزا به مدافعا عنه أكثر مما كان مؤازرا لإخوانه حيثما كانوا في السراء والضراء• كما أننا نرفض معاملة المصريين والجزائريين المقيمين هنا وهناك، بسبب العمل أوالدراسة أوالسياحة، بالعنف والمضايقات والإستفزازات، لأن هؤلاء أبرياء• ولا داعي للحرق والكسر أو التخريب فهذا كله مرفوض، بل لابد من التعقل ومعالجة الأمور برزانة وهدوء وحكمة وتركها رياضية لا أقل ولا أكثر•• لأن المباراة تنتهي والعداوة ستستمر وتتطور إذا لم تجد من الذكاء والحنكة والحكمة لتهدئتها، وإلا فإن الخاسر الأول والأخير هم العرب والمسلمون، وهذا ما ينتظره أعداء الطرفين• ومهما حكمت بلادك فالتاريخ لا يرحم، سيكتب عنك وتظهر الحقيقة• إن ما قمت به هو من أجل بقائك في الكرسي وليس من أجل الشعب، فليتفطن زعماء الأمة العربية لأن الحكم زائل لا محالة، ولا داعي لخلق أجواء لإيهام الشعب لتوريث الحكم للأبناء• في بعض الأحيان يشعر الإنسان أنه أفضل من أخيه في العلم وفي المال وفي كل شيء•• هذا غرور وعزة بالنفس لا غير، إن الأفضلية في التقوى كما قال ربنا عز وجل: ''إن أكرمكم عند الله أتقاكم''• ولا داعي لزرع الحقد بين الشعبين وإفساد العلاقات بين البلدين، إن الإعتزاز بالنفس يؤدي للغرور والسقوط في الرذيلة والكبرياء، ونتائج الرياضة بجميع أصنافها لا بد أن تقبل بكل روح رياضية، فلا ينبغي التجريح في الشهداء والشعب برمته وبالمسؤولين، لأن البلدين تعاونا مع بعضهما البعض في شتى المجالات ولا فضل لبلد على آخر بحكم انتمائهما للأمة العربية الإسلامية، وإذا تشاجر شبان مع شبان من أجل الرياضة فهذا شيء عادي لا يستحق هذا التهويل والتطبيل، والإتصالات بالهواتف من شخصيات كبيرة في الجمهورية المصرية عبر القنوات الفضائية•• فشبابنا دخل المستشفيات مثل شبابكم بعد المباراة•• والدولة الجزائرية لم تهول الموضوع ولم تجعل من الحبة قبة، وقد حضر هذه المباراة من الطرف الجزائري شخصيات ومسؤولون ووزراء ومشجعون مثلكم• أما أن يتبادر إلى أذهان المصريين أنهم أفضل من الجزائريين، فهذا غرور فقط، لأننا كلنا من آدم وآدم من تراب•• ولا داعي لدغدغة المشاعر لأن الأفضلية بالتقوى كما ذكرت أعلاه، فلنتق الله ونشكره على نعمه، ونتعاون لصد ودرء العدو الحقيقي بكل ما أتانا الله من فضله• عبد الحميد دبابش