يرى الكثير من المتتبعين لتطورات قطاع الصحة في الجزائر بأن الممرض يعتبر الأسد النائم في هذا القطاع، وإذا استيقظ من سباته فستكون الكارثة للوزارة وللمجتمع بكل شرائحه، على اعتبار أن الممرض هو الذي يقضي أطول وقت مع المريض، وأول من يحاسب في حال وقوع أخطاء• متى تحدد تقنيات الطبيب والممرض في الجزائر؟ عبد الكريم، خير الدين، صليحة، يمينة•• ممرضون في تخصص العلاجات العامة، تتراوح خبرتهم بين 15 و22 سنة في شتى المصالح الإستشفائية، صرحوا ل''الفجر'' بأنهم يقومون بمجهودات جبارة من أجل التخفيف من معاناة وآلام المرضى رغم ظروفهم الإجتماعية المزرية• وركز المتحدثون على ضعف رواتبهم التي تتراوح حسب الرتب ما بين 19 ألف و 26 ألف دينار جزائري مع احتساب كل العلاوات والخبرة، ''في حين أبسط عون مهني في مؤسسة اقتصادية يتقاضى ضعف رواتبهم''• وتطرق عبد الكريم إلي إشكالية تنفيذ تقنيات طبية من اختصاص الأطباء العامين وحتى الأخصائيين، لاسيما في مصالح الإستعجالات والعلاج المكثف والمراقبة الطبية، كما هو حال تقنيات خياطة الجرح، وضع أنبوب الجهاز البولي ''صونداج فيزيكال'' وقياس نبضات القلب، عمليات تجبير مختلف الأطراف السفلية والعلوية عند الكسر، وغيرها من التقنيات التي هي أساسا من اختصاص الطبيب العام• وأشار المتحدث إلى أنه بعض المرضى يطالبون الممرضين بالقيام بها ويتخوفون من الأطباء الذين يفتقرون لليد الطبية السلسة، كما هو متعارف في الأوساط الطبية• ويشير عبد الكريم إلى أن ما يساعد على انتشار هذه الظاهرة ''إحساس الممرض بضعفه من ناحية المستوى الطبي، فيحاول أن يكون طبيبا دون الحصول على الشهادة، حيث يثبت وجوده للمجتمع''• ومن جهة أخرى يقول الممرض•• الطبيب وجدها فرصة حتى لا يكلف نفسه أتعابا وأعمالا أخرى، وهو ما يجعله فيما بعد ينسى الكثير منها وعند الضرورة تحدث الكوارث، وهو ما يعني بأن وزارة بركات مدعوة للتفكير السريع في إعداد مدونة لتحديد تقنيات الممرضين من جهة، وتقنيات الأطباء من جهة أخرى، بهدف تحديد مسؤولية كل منهما• ممرضون على أبواب التقاعد يعانون من أمراض مزمنة الوالج إلى عالم البدلات البيضاء يكتشف الكثير عن ذلك الممرض الذي نجده في قاعة العلاج، المركز الصحي، ومصلحة الإستعجالات وغيرها من المصالح الإستشفائية، يعالج مرضاه بابتسامة عريضة، إلا أن منطقة اللاشعور فيه تضم الكثير من المعاناة والتأوهات، سواء تعلق الأمر بظروفه الإجتماعية المزرية ، كماهو حال الممرض أحمد الذي يعيش أزمة حادة في السكن وأبناءه الثلاثة الذين تخرجوا من الجامعة ودخلوا عالم البطالة مرغمين، الشيء الذي زاد من متاعبه العائلية• وبعيدا عن العائلة، يواجه ذات الممرض مطرقة الإدارة التي لم تنصفه بعد أزيد من 25 سنة في رتبة مساعد ممرض، ورغم ذلك لم يستفد من أية ترقية بعد، وأمثاله كثيرون في جل ولايات الوطن• أما عبد المالك فهو ممرض مؤهل يداوي المرضى ويتألم في صمت دون اكتراث لحاله، فهو يعاني من داء السكري المزمن وكذا الضعف الدموي، ورغم ذلك فإن هذا الممرض لم يجد الدعم من طرف وزارة بركات سواء للعلاج في الخارج أو الحصول على منصب عمل يتلاءم ووضعيته الصحية، حيث لا يزال يزاول مهنته كممرض مناوب ليلي في ظروف صعبة• أوضح عبد المالك ل ''الفجر'' أنه يفتقد وزملاؤه في المصلحة التي يعمل فيها إلى غرفة للإسترخاء والراحة وقضاء مختلف الحاجيات وأداء الصلاة• أضف إلى ذلك فإنه يضطر في كل مناوبة لإحضار وجبة العشاء معه، وهذا لكونه وزملائه محرومين من الأحقية في وجبة العشاء وهي مضمونة فقط للأطباء المناوبين• وهنا وجه عبد المالك نداءه للوزارة الوصية من أجل التدخل لإنصافهم والتخفيف من معاناتهم اليومية• وأمثال عبد المالك كثيرون سيما الذين تعرضوا لحوادث عمل كثيرة حيث أصيب العشرات بالشلل الكلي أوالنصفي• ورغم العدد الهائل من الوفيات سنويا إلا أن الممرض يرحل عنا في صمت دون اهتمام بعائلته التي تصبح فيما بعد غريبة عندما تنتقل للمداواة في أي مستشفى• لهذا فإن الممرضين الذين تحدثنا إليهم وجهوا نداءهم عبر يومية ''الفجر'' للوزير بركات من أجل التكفل بهذه الشريحة بعد إحالتها على التقاعد، وكذا التدخل لدى وزارة الطيب لوح من أجل تحسين مدونة الأمراض المهنية الخاصة بعمال الصحة ومسايرتها لمختلف الأمراض التي تصيب الممرضين• من عمار تو إلى بركات•• من يفرج عن قانون الممرض؟ لا تزال الجهود متواصلة لإطارات السلك الشبه الطبي من أجل الحصول على قانونهم الخاص، والذي من خلاله سيتم تحديد كل الحقوق والواجبات وتحديد المسؤوليات• وناضلت النقابة الجزآئرية للشبه الطبي كثيرا بعدما لفت إقبالا كبيرا في أوساط البدلة البيضا، واقتحمت فروع سيدي السعيد بقوة في هذا القطاع، إلا أن هذه النقابة الفتية ما تزال أمامهم مهام كثيرة صعبة لكنها ليست بمستحيلة• حسب بعض الممرضين فإن هذا القانون ما يزالون ينتظرون صدوره منذ عهد الوزير عمار تو، خاصة، كما ذكر الممرض (زيكو)، بأن هناك مخاطر على الممرضين خلال تحويلات المرضى بين الولايات سواء تعلق الأمر بحوادث المرور، وكذا عدم مرافقته من قبل الطبيب، حيث تحتم الإدارة مثلا على الممرض نقل المريض وهو تحت الجهاز التنفسي الإصطناعي لوحده، ليصبح مسؤولا لوحده في الطريق، وأمام كل الجهات والهيئات الرسمية التي يمر بها، وفي حالة الوفاة في الطريق تكون الأمور أكثر تعقيدا• وأشار زميله مراد إلى أن الممرض يبقى دائما في قفص الإتهام، لاسيما الإنتقادات المقدمة من طرف المرضى أو أهاليهم، أما حين يتعلق الأمر باتهامات من طرف الممرضات حول المضايقات أوالمعاكسات فإن الممرض المتهم يدان مباشرة ولا يجد من يدافع عنه، والكثير من القضايا مرفوعة لدى العدالة والممرض يدفع الفاتورة لوحده• وهو حال أيضا القابلات اللاتي طالما اتهمن بالتعامل غير الإنساني مع الحوامل وفي حالة إقدام أي حامل بشكوى إدارية أو لدى العدالة فإن العقوبات تأتي بسرعة البرق دون الإكتراث بالوضعية والحالة التي تعمل فيها تلك القابلة التي تشرف على توليد أزيد من 50 امرأة في الليلة الواحدة، وهو ضد المعايير المعمول بها في المنظمة العالمية للصحة•