المتجول بمدينة القليعة في تيبازة، أوالقلعة الصغيرة كما كان يطلق عليها سابقا، يلفت انتباهه كثرة محلات بيع الأثاث، حيث تشد انتباه كل ناظر وتبهر الأبصار لجمال نماذجها وتنوع أشكالها إذ تعدّ صناعة الخشب من أعرق الصناعات التقليدية والحرفية المتوارثة أبا عن جد، والتي لا يزال أبناء المدينة يمارسونها بحذاقة، الأمر الذي جعلنا نقصد هذه المحلات لنتمتع بجمال الإبداع الذي تتفنن الأيادي الذهبية في صناعته حطت ''الفجر'' رحالها بمدينه القليعة، وبالضبط بحي بن عزوز الذي يعتبر من أعرق الأحياء، حيث ارتأينا ونحن نتجول في هذا الأخير البحث عن تاريخ هذه الحرفة، بالحديث مع هؤلاء المبدعين الذين أفنوا حياتهم للحفاظ على تاريخ أجدادهم، والكشف عن سرّ جمال هذه المنتوجات التقليدية وطبعا عن ''الأيادي الخفية'' التي أمتعت ناظر كل من يقصدها· قال أحمد، وهو صاحب ورشة لصناعة الأثاث، إنه يمارس هذه الحرفة منذ نعومة أظفاره لدرجة أنه فقد أصبعه، كما أنه يشتغل عنده قرابة خمسة عشر عامل كل له وظيفته الخاصة من نحت وتقطيع ودهن· من جهة أخرى، قال ذات المتحدث إنه يقوم ببيع هذا الأثاث جملة وتفصيلا ويقصده الناس من كل جهة، إضافة إلى أنه يتعامل مع المحلات من مختلف ولايات الوطن وأسعاره جد معقولة، حيث يتراوح سعر غرفة النوم بين 30 ألف دينار و270 ألف دينار· انتقلنا إلى ورشة أخرى بالقرب من الورشة الأولى، لنجد جماعة من الشبان يقومون بصناعة الأثاث وأصوات الماكنات تعلو من بعيد، والزائر إلى هذه الورشات يتخيّل نفسه وكأنه في متحف لجمال ورونق الأشكال والتصاميم، ما يجعل الزبون في حيرة من أمره أي نوع يختار· قال علي، وهو صاحب ورشة، إنه يقوم بهذه الحرفة منذ عشرين سنة، إضافة إلى كونها الحرفة الوحيدة التي يلقى فيها راحته، وأضاف علي قائلا:''حرفتنا لا تتطلب أدوات كثيرة، حيث نعتمد في صناعتنا على وسائل بسيطة ولا نستغرق وقتا طويلا''· من جهة أخرى قال عمي حسين: ''يقصدنا العرسان المقبلون على الزواج، وكهدية لهم نقوم بخصم خاص لهم ومساعدتهم في اختيار الأنسب لهم''، حيث تتنوع المادة التي يصنع منها الأثاث بين الخشب الأحمر وخشب الجوز الذي يعد من أغلى أنواع الخشب على الإطلاق''· ونحن نتجول في هذا الحي، قالت لنا سيدة قصدت هذا الحي خصيصا بأنها تأتي إلى هذا المكان من البليدة دائما لاشتراء هذا الأثاث لصلابة خشبه وجمال تصاميمه· غادرنا هذا الحي الذي يغلب عليه اللون البني الذي يعكسه الأثاث، ودّعنا الحرفيين الذين استقبلونا بكرم وطيب، وهي السّمة التي تميز سكان مدينة القليعة، بعد أن أهدوا لنا تذكارا عربونا عن استضافتنا عندهم·