تعرف ولاية البليدة بغطاء غابي هام يتمثل أساسا في السلسلة الغابية التي تزين مرتفعات الحظيرة الوطنية للشريعة والتي تعتبر ممرا للأطلس البليدي. وبالرغم من أهمية هذه الثروة الغابية التي تمتد على نحو 65253 هكتارا وتمثل نسبة 44 بالمئة من المساحة الإجمالية للبليدة، إلا أنها باتت تعرف العديد من الاعتداءات من طرف جهات مختلفة فبغض النظر عن الحرائق التي تلتهم سنويا آلاف الهكتارات من هذه الثروة الغابية والتي تتزامن مع الفترة الصيفية، تأتي عمليات القطع العشوائي لمختلف الأصناف من أشجار المنطقة لتزيد من حدة التدهور الذي باتت تعرفه الرقعة الغابية بالبليدة. ويتم استغلال الأشجار المقطوعة في عدة مآرب في مقدمتها صناعة الخشب، حيث يعمد العديد من الأشخاص إلى الاستغلال العشوائي وغير المنظم للغابات بعيدا عن أنظار مراقبي ومفتشي المحافظة الولائية للغابات، وهو الأمر الذي يهدد أصنافا عديدة ومختلفة إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن. وإذا ما كانت الحظيرة الوطنية للشريعة بعيدة عن مثل هذه الاعتداءات بالنظر إلى كونها محمية بفرق خاصة تسهر على عدم انتشار مثل هذه الاعتداءات، إلا أن مساحات غابية أخرى تتعرض بصفة دورية لاعتداءات أشخاص لا يدركون حجم الخطر الذي يتسببون فيه. ولعل أبرز دليل على هذا الأمر هو الاعتداءات التي تم تسجيلها السنة الفارطة من قبل مصالح محافظة الغابات التي سجلت أكثر من 50 اعتداء على المساحات الغابية غالبيتها تمثلت في القطع العشوائي للأشجار، ما جعل ذات المصالح تفكر في طريقة للتصدي لهذه الظاهرة وذلك عن طريق الإعلان عن مزاد علني لاستغلال بعض المساحات عن طريق برنامج مدروس للمساحات التي ستعرض للمزاد لفائدة المؤسسات الراغبة في استغلال هذه الثروة بطريقة منظمة ومشروعة، في حين ستكون المؤسسات العاملة في قطاع صناعة الخشب المستفيد الأكبر من هذه المزادات التي سيعلن عنها خلال الأيام القليلة القادمة. علما أن الأشجار التي ستدخل في حيز المساحات المعروضة للمزاد تتمثل في الأشجار المسنّة، المحروقة، اليابسة والتي بالإمكان الاستفادة منها بعيدا عن باقي المساحات الأخرى. وفي سياق ذي صلة، وفي إطار الحفاظ على الثروة الغابية بالبليدة وتجديدها، شرعت مؤخرا الحظيرة الوطنية للشريعة بالتعاون مع جمعية أصدقاء الشريعة إلى جانب جمعية “بلادي“، في حملة بذر واسعة على امتداد 6 هكتارات خصصت لشجرة الأرز الباسقة والتي تشتهر بها المنطقة بمشاركة ما يقارب 100 شخص على مستوى منطقة الحوض الواقعة على بعد كيلومترين من محطة الشريعة، حيث تمّ ذرّ البذور التي وفّرتها محافظة الغابات بعد تهيئة الأرضية التي كانت عبارة عن صخرة كبيرة تمّ تفكيكها السنة المنصرمة. وحسب رئيس جمعية أصدقاء الشريعة، السيّد خشنة ياسين، فإنّ المبادرة ستساهم في توفير سلسلة لامتناهية من أشجار الأرز وهي الرمز البارز لمرتفعات الشريعة، التي ظلت صامدة في وجه الناقمين على الطبيعة بفعل إضرامهم للنيران بالقرب منها ما جعلها تحترق على أطرافها، وقد أشرفت على حملة البذر الحظيرة الوطنية للشريعة.