الابتكار في الصحة الالكترونية: الجزائر تحتضن الطبعة الإفريقية الأولى من "سلاش'س دي"    المغرب: فشل الحكومة في الحفاظ على صحة المواطنين يحول داء الحصبة إلى وباء    مجلس الأمن : السيد عطاف يجدد التزام الجزائر بالمساهمة في تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يبحث مع سفير جنوب إفريقيا سبل تعزيز التعاون الثنائي    السيد بللو يشرف على افتتاح يوم دراسي جزائري-إيطالي حول تثمين التراث الثقافي    وفد برلماني من جمهورية سلوفينيا يحل بوهران    الرعية الإسباني المحرّر يشكر تبّون والجزائر    قائد أفريكوم يشيد بالجيش الجزائري    سياحة: 90 مشروعا سياحيا سيدخل قيد الاستغلال هذه السنة    الوقاية من الحمى القلاعية: تلقيح 400 ألف رأس من الأبقار والأغنام قبل نهاية يناير الجاري    حشيشي يشارك بروما في منتدى أعمال الدول المعنية    هكذا يقضي سكان غزّة أيام الهدنة..    الجزائر تؤكد ضرورة تجسيد توصيات ميثاق قمة المستقبل    ممثلا الجزائر يستهدفان كأس الكاف    شطر من منفذ الطريق السيار جن جن العلمة يوضع حيز الخدمة    مُتسوّلون برتبة أثرياء!    مراد ينصب الوالي الجديد لبشار    صدى عالمي لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    إشادة واسعة بدور رئيس الجمهورية    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قائمة على مبدأ التضامن بين الأجيال    البطولة الجهوية للجيدو لناحية الوسط : تتويج فريق أمن ولاية الجزائر باللقب    الجزائر حريصة على ضمان تكفل أفضل بالحجاج خلال موسم الحج 2025    وزير الداخلية"إبراهيم مراد" مخطط شامل للنهوض بولاية بشار وتحقيق التنمية المتوازنة    وهران: انطلاق البطولة الوطنية الشتوية للسباحة براعم    متحف "أحمد زبانة" لوهران: جولة افتراضية في الفن التشكيلي الجزائري    مجلس الأمة: المصادقة على نص القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها    الإطاحة بشبكة إجرامية ينطلق نشاطها من المغرب : حجز أزيد من 3ر1 قنطار من الكوكايين بوهران    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية: وزير الاتصال يستقبل بويندهوك من قبل رئيس جمهورية ناميبيا    بللو: نحو تعاون أوسع في مجال الفنون بين الجزائر وإيطاليا    كرة القدم المدرسية : إطلاق قريبا أول كأس للجزائر بين الثانويات والإكماليات والابتدائيات    وهران : ترحيل 27 عائلة إلى سكنات جديدة ببئر الجير    منظمة التعاون الإسلامي تدين ب "شدة" تصاعد الاعتداءات الصهيونية في الضفة الغربية    إعتقال مؤثر جزائري في فرنسا: النيابة العامة بباريس تصوب وزير الداخلية برونو روتايو    غزة: استشهاد 27 ألف طالب خلال العدوان الصهيوني على القطاع    اللحوم الحمراء الطازجة في رمضان ستبلغ أقصى مبلغ 1900 دج    إيتوزا تستعين ب30 حافلة محليّة    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    خصص الهلال الأحمر الجزائري 300 طن من المساعدات الإغاثية    الكوكي مدرباً للوفاق    الصحافة الفرنسية تسج قصة جديدة ضمن سلسة تحاملها ضد الجزائر    رئيس الجمهورية يستدعي الهيئة الناخبة يوم 9 مارس القادم    متابعة أشغال مشروع قصر المعارض الجديد    الثورة الجزائرية الوحيدة التي نقلت المعركة إلى عقر دار العدو    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    تطبيقة إلكترونية للتبليغ عن مواقع انتشار النفايات    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعوب تعرف حقوقها وشعوب لا تبالي
نشر في الشروق اليومي يوم 06 - 05 - 2009

خرج ملايين الأشخاص عبر عواصم أوربية عديدة، نهاية الأسبوع الأخير، تتقدمها العاصمة الفرنسية باريس احتجاجا على الأوضاع التي رسمتها السياسات الرأسمالية ضد مصالح العمال. وتأتي هذه الاحتجاجات الأولى من نوعها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لتذكرنا بالأوضاع التي سبقت الثورة الفرنسية العام 1789 والتي حملت شعار "توفير الخبز" للفرنسيين، ولكن هذه المرة لبست الاحتجاجات ثوبا عولميا وحملت شعارات "الحفاظ على مناصب الشغل"، "إسقاط الأنظمة الليبرالية" و"مناهضة العولمة المتوحشة"، وبعض الاحتجاجات استهدفت أسواق المال مثلما حدث قبالة "بوصة سيدني" في أستراليا.
*
فماذا يعني أن تتظاهر الشعوب الرأسمالية ضد الرأسمالية؟ وهل هي نُذُرُ ثورة عالمية ضد النظام الاقتصادي العالمي المبني على رأس المال؟
*
*
الحق الاقتصادي
*
*
ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها عمال العالم في الدول الأوربية وتلك التي توصف بالصناعية تنديدا بأوضاعهم، فقد خرج في باريس وحدها شهر جانفي الماضي أكثر من 2.5 مليون متظاهر. ولكن هذه المرة اتخذت الاحتجاجات منحى مختلفا من حيث حدتُها وشعاراتها وعدد المصابين فيها وبسبب تزامنها مع وضعية الانكماش في الاقتصاديات الصناعية، فهي تضيف ضغوطا جديدة على راسمي السياسات الاقتصادية في الغرب أولئك الذين فقدوا التحكم في سلوك الأسواق والشركات وباتوا يراقبون الأزمة وقد تعدت قطاع المال الى الجوانب الاجتماعية والإنسانية. وعندما تنطلق المظاهرات في شكلها الذي ظهرت به هذه المرة من ألمانيا رمز الرفاه الاجتماعي حيث يتمتع المواطن بحقوق لا نظير لها، أو من فرنسا حيث الحماية الاجتماعية في ذروتها والسكن مادة تضمنها الدولة لجميع السكان، أو من بريطانيا حيث الطفل يولد ومعه »منحة الطفل« والعاطل عن العمل لا يشكو الحاجة بفضل منحة البطالة. نعم، عندما تنطلق المظاهرات من منطقة اليورو حيث يتعدى متوسط الدخل الفردي 20 ألف دولار ويتمتع الناخب برعاية حكومية خاصة فمعنى ذلك أنها احتجاجات رشيدة وتكشف عن توقعات دقيقة بشأن اتجاه الأزمة الاقتصادية، وأكثر من ذلك أنها أزمة تعدت القيم الاقتصادية إلى القيم الاجتماعية، أي أنها تتجه لتعديل الرأي السياسي العام وإعادة تشكيل الوعي بشأن حقيقة الأنظمة الرأسمالية. حالة من تطور الحس المدني في الغرب قد يتيح للإنسان الغربي فرصة اكتشاف مساوئ النظام الرأسمالي من زاوية نفسية جديدة والأهم من ذلك ممارسة حق جديد هو إطلاق نظام سياسي واقتصادي أكثر عدلا في توزيع الثروة بين الأفراد وفي تقدير المسؤوولية الاجتماعية للأعوان الاقتصاديين، وباختصار اكتشاف »الحق الاقتصادي«.
*
*
شعوب يقظة
*
*
ضخت الحكومة الفرنسية بداية العام الجاري 2.6 مليار يورو، أي ما يزيد عن 3 ملايير دولار، في شكل إعانات مباشرة للأسر ذات الدخل المنخفض، إضافة إلى مبلغ 30 مليار دولار لفائدة الاقتصاد، كما رافع الرئيس »ساركوزي« ضد النظام الرأسمالي في قمة العشرين الأخيرة بلندن مدعوما في ذلك من الزعيمة الألمانية »أنجيلا ميركل«، ومع ذلك أبدع الشعبان الألماني والفرنسي في التعبير عن يقظتهما إزاء ما ينتظرهما في المستقبل من أخطار. وبالفعل فقد ربع مليون فرنسي وظائفهم منذ بداية العام وتراجعت ثقة الأوربيين في خطابات زعمائهم وبات شبح »أزمة الخبز« يقترب من بيوتهم رويدا رويدا، وزادت يقظة الأوربيين على وقع أخبار فضائح المصارف وأسواق المال وشركات التصنيف الائتماني وعلى أرقام حسابات أرباب الشركات الذين حققوا أرباحا لا تعد إلا في الخيال على حساب حملة الأسهم الصغار والمدخرين من العمال. يحق للشعوب الأوربية أن تحاسب مسؤوليها وأن تحتج مقابل تراجع قدرتها الشرائية وأن تطور معادلتها النفسية لفهم محتويات النظام الذي يحكم اقتصادها وباختصار للشعوب الأوربية الحق في التعبير عن يقظتها ولكن ماذا عن شعوبنا نحن؟
*
*
شعوب لا تبالي
*
*
كشفت ظاهرة »الحمى المكسيكية« اللثام عن حالات مرعبة في بلد عربي مسلم عندما قررت السلطات إعدام قطعان الخنازير. فمربو هذا الحيوان الحامل لفيروس »أتش1 إن1« هم من فقراء الشعب الذين لا يجدون خبزهم اليومي إلا بصعوبة وهم يعملون لصالح بارونات اللحوم المصدرة إلى الدول الغربية، وهؤلاء الفقراء يعيشون مع تلك الحيوانات في بيوتهم وهم بذلك معرضون لوباء »انفلونزا الخنزير«، إضافة إلى الفقر والبطالة، ومع ذلك لم تسائل السلطات نفسها عن دوافع تربية هذا الحيوان على أرضها وفضلت عن ذلك تعميق فقر الفقراء بإعدام مصدر رزقهم المتبقي بلا بديل دون أن يحتج شعبها أو يحرك ساكنا.
*
وفي دولة عربية أخرى، وعندما تحولت الهجرة غير الشرعية إلى ظاهرة لافتة للنظر بين الشباب العاطل عن العمل، سنّت السلطات قوانين تجرّم المهاجرين وتعاقب أولياءهم دون أن تبحث في الظاهرة وفي مسبباتها ومع ذلك لم تشهد عاصمة عربية واحدة معنية بهذه الظاهرة تنديدا شعبيا واحدا بمثل هذا الإجراء.
*
وفي دولة عربية ثالثة تحولت مدينة ساحلية بأكملها الى مدينة عاطلة عن العمل وفقيرة، لأن السوق الأوربية ألغت استيراد سمك »الحبار« منها على وقع تراجع الطلب ولم تجد الحكومة بديلا لشباك البحر ضد موجة الفقر، وأغلب الظن أن سكان المدينة المذكورة لن يحركوا ساكنا.
*
وهكذا ستستمر احتجاجات الشعوب اليقظة مدعومة بالأحزاب والنقابات أصيلة المنشأ وستحقق ثورة أخرى على سلم الثورات الاجتماعية، وهكذا أيضا سيمتد بنا نحن أهل الجنوب حال السبات في وجه أخطار أخرى لأننا باختصار نجهل حقوقنا الاقتصادية فضلا عن حقوقنا السياسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.