هوبير فالك: “باريس بحاجة إلى مصالحة مع مستعمراتها والتعامل مع تاريخها دون عقد” عبر باتريك فاربياز، مسؤول الشؤون الدولية لحزب الخضر الفرنسي، وأحد المبادرين بتنظيم “الأسبوع المناهض للاستعمار”، عن مساندته لمبادرة النواب الجزائريين باقتراح قانون يجرم الاستعمار، واعتبر أن مشروع القانون ضروري لإقامة نمط جديد من الحكم يركز على الذاكرة الاستعمارية كواقع سياسي. وشدد المسؤول الفرنسي في حوار لأسبوعية “بوليتيس”، على حق المستعمرات القديمة في التعويض. وقال إن الاعتراف بحق الضحايا ليس في الاعتراف بهم على أساس أنهم ضحايا الاستعمار فقط، ولكن على أساس الحق في التعويض بالنسبة لكل المستعمرات القديمة. وركز باتريك فاربياز على أهمية مسألة الذاكرة الاستعمارية كواقع سياسي يمكن من فهم عالم اليوم. واعتبر مسؤول الشؤون الدولية بحزب الخضر الفرنسي أن إنكار واجب الذاكرة يعني الحرمان من عناصر لفهم هذا العالم. وذهب المتحدث، في نفس الحوار، إلى حد توجيه الانتقاد للسياسة الفرنسية المتعلقة بالذاكرة الاستعمارية. وقال إن الذاكرة السمعية-البصرية الفرنسية لخصت الاستعمار في الاستقلال، وقامت بمحو كل الأفعال الشنيعة التي ارتكبتها في شمال إفريقيا من الذاكرة الجماعية. وفي ذات السياق، شدد باتريك فاربياز على ضرورة الخروج مما وصفه ب “دوامة الصمت” من خلال اعتراف فرنسا بالعمل الاستعماري وبوحها به بدلا من النسيان الذي يميز بعض المؤسسات. ويعد باتريك فاربياز أول مسؤول فرنسي يبدي رأيا مؤيدا للتحرك الجزائري فيما يتعلق بتجريم الاستعمار، الذي اعتبرته الأوساط السياسية الفرنسية بمثابة الاستفزاز والعودة إلى الوراء في العلاقات بين الجزائر وباريس، على أساس أن الجزائر لا تريد “التهدئة” وتحسين علاقاتها مع فرنسا مثلما كان مخططا له بإطلاق معاهدة الصداقة. وإن كان كاتب الدولة لقدماء المحاربين، هوبير فالكو، قد ساند فكرة واجب الذاكرة من باب اعتبار أن بلدا بدون ذاكرة هو بلد بدون هوية، فقد انتقد بشدة مبادرة تجريم الاستعمار التي طرحها النواب الجزائريون واعتبرها مقلقة جدا في نواح كثيرة ومبالغ فيها، واعتبرها بالمقابل دافعا لم يسبق له مثيل لإنشاء مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر ومعارك تونس والمغرب. وأضاف هوبير فالكو، أمس، في حوار لجريدة “فرانس سوار”، أن إنشاء المؤسسة يفرض نفسه لأن هذه الفترة بحاجة إلى حقيقة، حسبه، موضحا أن دور مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر ليس كتابة أو إعادة كتابة التاريخ، وإنما خلق فضاء للنقاش يمكن لكل ذاكرة “فرنسية أو جزائرية” التعبير ويمكن للطرفين أن يلتقيا، سواء كانوا جنودا أو حرْكى أو مبعدين، وحتى أعضاء جبهة التحرير الوطني ومنظمة الجيش السري. وقال إنه لابد من عدم التخوف من جمع كل هذه الأطراف على طاولة واحدة، لأن الأمر لن يكون مشجعا على المضي قدما و”سنبقى في الظلام”. وأكد فالكو على استقلالية المؤسسة التي بإمكانها أن تعطي رأيا حول الاستعمار وأن تعلم الحكومة الفرنسية بذلك، مشيرا إلى أن أعمالها ستكون مفتوحة للجميع، نافيا أن يكون لمؤسسة ذاكرة حرب الجزائر الطابع السياسي. وأكد هوبير فالكو على ضرورة إدراك تاريخ فرنسا دون عقد أو محرمات، لأنه من مصلحة البلد، ولم ينف الحاجة إلى مصالحة فرنسا مع مستعمراتها القديمة لتحقيق تقدم مثلما حدث بين فرنسا وألمانيا، وهو ما تبتغيه باريس اليوم في علاقاتها مع الجزائر، مصالحة تعطي لها الأولوية في قائمة الشركاء وليس الهامش.