سعدت كثيرا ظُهر السبت الماضي وأنا أشاهد كليب الشاب ”ألجيرينو” - لاحظ مغزى هذا الاسم الفني- على قناة فيرجين الغنائية الشبابية، بعد أن وقعت عليها لحظة بحثي على قناة إخبارية تبهرني بقالبها الإخباري الحي والديناميكي. ألجيرينو، الشاب الوسيم الأسمر، رد في اعتقادي على الكاتب اريك زمور، أحسن من كل المحللين والسياسيين الرافضين لأطروحاته العنصرية، كما جاء معنا في تقديمنا لكتابه المسموم ”حزن فرنسي” الأسبوع الماضي. ألجيرينو لم يشتم زمور ولم يهدده بالقتل، كما فعل مغني راب آخر سيضطر إلى الوقوف أمام القضاة، ردا على تهم محامي زمور، لكنه نجح بتوليفة غنائية وسردية تهكمية سوداء تفنيد خطاب الإيريكين ”إريك زمور وإريك بيسون وزير الهوية الوطنية والهجرة والإدماج” وذلك من خلال كلمات وصور ومواقف تضمّنت واقعا سوسيولوجيا؛ مختزلا بشكل بديع يغنينا عن مئات الكتب والأطروحات والنقاشات من منظور تأثيرها السريع على الرأي العام غير القادر على استيعاب تحليل نخب الصالونات المخملية أو مثقفي الشوارع والمقاهي الشعبية. ألجيرينو غنى حكاية شاب فرنسي جزائري الأصل اضطر، إلى القسم برأس أمه لإقناع محافظ الشرطة ببراءته المفترضة وذلك من باب تجسيد عدم صحة التهم المسلطة على شبان الضواحي المنحدرين من أصول إفريقية ومغاربية، كما ردّد زمور في كتابه المذكور ويكرر ألجيرينو كوبليه القسم عدة مرات لينهي الأغنية على لسان محافظ الشرطة الذي رد عليه بلغة فرونكو جزائرية، ”آريت تحلف” أي توقف عن القسم. يحكي ألجيرينو يوميات شاب فرنسي، لكن أسمر البشرة بلقطات وكلمات شاعرية وإيقاعات سريعة تكشف عن مختلف الكليشيهات الرائجة عن أبناء المهاجرين، بما فيها كليشيه التدين الذي أصبح يعني عند أنصار زمور السلوك المهدد لأركان العلمانية الجمهورية ويقضي ألجيرينو على كل آمال الذين يراهنون على الذوبان الثقافي الكامل على طريقة لوبان وزمور ومن لفّ لفهم حينما تبرز الكاميرا العلم الجزائري حول معصم يده اليمنى.