أرشيف اهتدى العديد من مسيري نقاط التوزيع لقارورات غاز البوتان بمحطات نفطال بالبلديات الجنوبية بمقاطعة ولاية غرداية في الآونة الأخيرة إلى اكتشاف عمليات تداول مشبوهة لقارورات غاز البوتان حجم 13 كلغ من صنع ألماني، بدأت تظهر أعداد منها بالولايات الحدودية جنوب البلاد أواخر العام الماضي، * هذه القارورات دخلت التراب الوطني حسب مصادر أمنية مطلعة منذ شهر ديسمبر من السنة الماضية عبر الحدود الجزائرية المالية، أين تطرقت "الشروق اليومي" إلى القضية في وقتها من خلال عرض شكاوى بخصوص الموضوع لمواطنين من مدينة عين صالح تحدثوا أنذاك عن رواج محلي لقارورات غاز البوتان غريبة الشكل، جلبها موالون من مناطق أقبلي ومردوية مرورا بمدينة برج باجي مختار الحدوددية. * ويتزامن اكتشاف هذه العملية مع ما تشهده قوافل تجار التمور من حركية دؤوبة لازال يشهدها الشريط الحدودي الفاصل بين الجزائر ودولة المالي منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، ما يرجح فرضية أن هذه القارورات تم جلبها إلى داخل الحدود من طرف تجار جزائريين يتعاملون في تبادلاتهم التجارية مع بعض الدول الإفريقية المجاورة عن طريق نظام المقايضة، وتشهد المدن الجنوبية هذه الأيام حالة استنفار بعد أن وصل إلى مسامع المواطن معلومات تفيد أن هناك المئات من وحدات لقارورات غاز البوتان حجم 13 كلغ دخلت السوق الوطنية وتم تداولها محليا بطرق مخالفة للقانون. * وتفيد مصادر من محطات نفطال بهذه المناطق أن ظروف المراقبة المستميتة والمشددة عبر نقاط التسويق لقارورات غاز البوتان بمحطات نفطال، مكنت العديد من الموزعين الخواص لهذه المادة من ضبط ما لا يقل عن 150 وحدة من القارورات المشبوهة التي عمد أصحابها في الكثير من الأحيان إلى إخفاء اسم العلامة التجارية المضغوطة على جوانب القارورة المشكلة لكلمة "شنيدار" وهو اسم مسجل عالميا لمنتوج ألماني كثيرا ما يتداول في أسواق النفط الدولية، ولم يتوقف الأمر في تتبع أطوار هذه القضية عند الذين انتهت عندهم مثل هذه القارورات، بل تعداه إلى فتح تحقيق أمني موسع، شمل أصحاب المحلات المختصة في بيع وتسويق قارورات غاز البوتان بإقليم ولاية غرداية، وتؤكد شهادات لبعض هؤلاء أن الأوضاع الحرجة التي يقعون فيها مع الزبائن بخصوص القارورات المشبوهة أجبرت العديد منهم على مراسلة الإدارة المركزية بحاسي مسعود، مطالبين من خلال ذلك ضرورة معالجة الوضع ووضع حد لمثل هذه التجاوزات الخطيرة التي باتت اليوم تهدد حياة المواطن باعتبارها مرتبطة بمادة طاقوية بالغة الخطورة، هذا في الوقت الذي نفت فيه مديرية التسويق لشركة نفطال بمقاطعة غرداية في وقت سابق، وبعد إعلان مسؤوليها عن صحة المراسلات الواردة من مراكز تعبئة وتوزيع قارورات الغاز المؤكدة لوجود عينات تحت التحفظ من القارورات المقصودة، عن عدم علمها بحقيقة الوضع وأرجعت كل ما يحدث بمناطق التوزيع المعتمدة عبر تراب الولاية بخصوص الموضوع إلى العملية الروتينية والعادية التي تتخلل ظروف توزيع شحنات غاز البوتان في مناطق الولاية النائية، أين يتم حسبها تسجيل من وقت لآخر البعض من حالات العطب التقني على مستوى رأس القارورة وموقع برغي التموين الذي كثيرا ما يوجد مثقوبا بسبب ظروف الشحن والتفريغ البدائية. * والى جانب هذا، تشير جهات ذات صلة بالقضية أن تتبع أطوار هذه العملية التي يراد التهوين من خطورتها تؤكد بشأنها الجهات الأمنية أن مصدر دخولها إلى التراب الوطني كان الحدود المالية المعروفة بتحركات شبكات التهريب التي أصبحت تتعامل في الآونة الآخرة مع كل أنواع البضائع الرائجة حتى ولو كان ذلك على حساب الوضع الأمني بالبلاد، لكن الغموض لازال يلف حيثيات هذه العملية الواسعة التي زاد من تعقيد خيوطها غياب المعلومات الكافية والخاصة بالجهات المسؤولة عن إدخال مثل هذه الكمية الهائلة من منتوج يعتبر ذا خطورة بالغة على حياة المواطن خصوصا وأنه مصنع بدولة لم تتعامل مع الجزائر في المجال لحد الساعة، ونزل منتجوها إلى الأسواق المحلية بمناطق الجنوب دون علم السلطات وأصبح في متناول العام والخاص من غير أن يميز بينه وبين منتوج شركة نفطال الوطنية، ما يجعل العملية الوحيدة والأولى من نوعها على التراب الوطني تنتظر استيفاء التحقيقات الأمنية وحجز كميات أخرى من هذا المنتوج المشبوه الوافد من مناطق حدودية أصبحت مفتوحة بلا رقيب على كل السلع والبضائع التي أصبحت "تسوق للموت ببلادنا".