منع طلبة جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة في عيد الطالب شخصية بحجم عبد الحميد مهري من إلقاء محاضرة تاريخية في حرم هذه الجامعة، رافضين إقامة أي نشاط بها إن لم يكن ذا طابع ديني، وأيضا عزمهم على منع الفتيات غير المحجبات دخولها والدراسة بها. هذه الحادثة، التي تركت استياء كبيرا وسط المشرفين على الجامعة، ذكرتني بفترة عشناها لما كنا طلبة بالجامعة بداية الثمانينيات عندما كان الطلبة المنتمون إلى التيار الإسلامي يمنعوننا من الاحتفال بيوم الطالب، ويفسدون أي نشاط يقوم به الطلبة إحياء لهذا اليوم التاريخي، الذي كان ومازال من الواجب علينا الوقوف للترحم على رفاق عبد الرحمن طالب، الذين قالوا ”لن تكون جثثنا أفضل بالشهادات”، الكلمة التي ألقوا بها وسط الحرم الجامعي والتحقوا بصفوف الثورة . فلازلت أتذكر يوم 19 ماي من سنة 1981، لازلت استذكر بشاعة المنظر، عندما كنا نهم بتنظيم وقفة وسط الحرم الجامعي بجامعة سيدي عمار بعنابة، وكيف في لحظات تحولت الجامعة إلى ما يشبه ساحة حرب، حيث استعان وقتها الإسلاميون بغي الجامعيين، أتوا بهم من تبسة ومدن داخلية أخرى، يحملون قضبانا حديدية وانهالوا ضربا على كل من لا يحمل شارة تبين أنه من الإخوان المسلمين، وانتهت الحادثة بسجن عدد من الطلبة لمدة سنة، ومن يومها دخلت الجامعة الجزائرية في غيبوبة التدين وسيطر الإسلاميون على كل شيء، مستغلين ضعف الدولة وقتها، وعدم استشرافها للمد المتطرف الذي تقبل عليه البلاد والنتيجة الأخرى يعرفها الجميع، عشريتان من الدمار والنار والمجازر. فهل نترك من جديد لطلبة الجامعة الإسلامية الفرصة لإعادة التجربة المرة إياها، ونسمح لهم بفرض قوانينهم ومنطقهم على هذه الجامعة، التي هي جامعة الدولة الجزائرية ، والتي من المفروض أنها تسير وفق قوانين الجمهورية، فلا يمكن لاتحاد الطلبة أن يمنع غير المحجبات من الدراسة بها، ولا يمكن إجبارهن على ارتداء الحجاب مادام هذا لا تفرضه قوانين الجمهورية التي صمدت أمام آلة الدمار. ثم بأي حق يمنع الطلبة محاضرة في تاريخ الجزائر بحجة أن موضوعها لا علاقة له بالدين، ألم يكن من الدين الجهاد من أجل تحرير الوطن من المعتدين؟! ولماذا نسمي من قتلوا في سبيل تحرير البلاد بالشهداء إذن؟ نحن أمام علي بلحاج آخر، بل نحن أمام بن لادن جدد، وأمام نماذج قد لا تتوانى في حمل السلاح في وجوهنا مرة أخرى، فاحذروا!