المتتبع للشأن الجامعي هذه الأيام في الجزائر، يدرك أن الأوضاع في جامعاتنا مرشحة للتأجج والتعقيد أكثر، حمى الاحتجاجات في تصاعد والحلول تظل غائبة، والأخطر من ذلك صمت الوزارة الوصية إزاء ما يجري هنا وهناك. منذ أيام اهتزت جامعة الأمير للعلوم الإسلامية في قسنطينة على وقع حركة احتجاجية عارمة للطلبة، وصل حدها إلى منع شخصية بحجم عبد الحميد مهري من إلقاء محاضرته في قاعة الشيخ عبد الحميد بن باديس الكبرى، واضطر رئيس الجامعة إلى نقلها إلى مقر إدارته في قاعة صغيرة، ما حرم الكثير من الباحثين والمجاهدين والطلبة من متابعتها. وقبل ذلك، عاشت جامعة ڤالمة أوضاعا مشابهة، وراءها طلبة الإعلام والاتصال واللغات الذين أغلقوا لأيام المعهد. وفي العاصمة كذلك، سجلت حركات احتجاجية في جامعة باب الزوار، وأمس اهتزت إقامة تاسوست بجامعة جيجل على وقع حركات غضب جديدة .. القاسم المشترك في الحركات الاحتجاجية المسجلة تكمن في معالجة مشكل نظام “الألمدي” الدخيل على جامعاتنا، ولو أن هناك بعض المطالب البارزة في شاكلة مشاكل بيداغوجية واجتماعية بالدرجة الأولى، وهناك مطالب يمكن اعتبارها خطيرة وتستدعي التدخل الفوري لفضها على شاكلة مطالب طلبة الجامعة الإسلامية غير المنطقية كبلوغ الأمر المطالبة حتى بمنع المتحجبات من ولوج الحرم وعدم السماح بتنظيم ملتقيات الطب هناك؟ ربما من حظ القائمين على شؤون الجامعات هذه السنة أن حمى المونديال غطت على الاحتجاجات، وإلا لكان الغليان أشد حرارة، فبروز الاحتجاجات تزامن والأسابيع القليلة قبل المونديال، وهو ما جعل الكثير من الطلبة لا يندمجون فيها تاركين المبادرة لمسؤولي التنظيمات الطلابية، ما عكسته الأعداد المشاركة في الاحتجاجات المسجلة، لكن يبدو واضحا أن رائحة غليان تشتم من بعيد، وهو ما يفتح المجال واسعا لبروز حركات احتجاجية واسعة مع الدخول الجامعي المقبل، خاصة إذا بقيت الأمور على حالها ولم تعالج المسائل المطروحة في حينها من قبل أهل الحل والربط، وفي مقدمتهم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي لم يغير وزيرها ضمن التعديل الحكومي الأخير .. فهل ستنجح الوزارة في تجاوز المشاكل أم أن دائرة الاحتجاجات ستتوسع أكثر، وحينها فقط يكون الخاسر الطالب والجامعة على السواء..