تحولت الكثير من أجزاء حي تيجديت العتيق بمدينة مستغانم إلى أطلال، بعد أن حملت لقرون من الزمان أفراح وأحزان المستغانميين، وأصبحت الجدران التي شهدت بطولات المجاهدين والفدائيين إبان الاستعمار الفرنسي آيلة إلى السقوط، وأضحت الأركان التي عبقت بأنفاس علماء الصوفية من أمثال الشيخ البوزيدي أوالعلاوي تتحول إلى آثار مهملة بكل ما تحمل من قيمة تاريخية وفنية، لتطوي معها ذكريات صنعت وجدان أبناء مدينة مستغانم وكونت فيهم روح التشدق بالأرض والوطن. يعاني حي تيجديت من معوقات عديدة تحول دون استرجاعه لمكانته كقلب نابض لمدينة مستغانم، باعتباره أكبر حي شعبي بالمدينة، مما يهدد جزءا من تاريخ المنطقة بالإندثار، في ظل غياب برنامج حكومي لترميمه، خصوصا مع عدم قدرة أغلبية السكان على التكفل بسكناتهم التي يؤجرون أغلبها بأسعار زهيدة، مما أدى إلى تحويل الحي إلى ما يشبه مدينة الأشباح، رغم الحركية التي تعرفها بعض أزقته كالسويقة وسيدي يعقوب والزاوية، في ظل عودة النشاط التدريجي للطرق الصوفية بالمنطقة، التي أعادت شيئا من الروح التي افتقدها الحي منذ عقود بتجمعات مريديها وإنشادهم الجماعي. وما زاد الأمر تعقيدا تأثير السيول على حالة السكنات التي أصبحت خطرا على قاطنيها، كحوش بودبزة الذي يقع في شارع 18 المقابل للسوق، أو حوش بن سليمان المجاور للمستشفى المركزي في شارع حطاب الطاهر، حيث وقفنا على اهتراء جدران المنازل. وأكد السكان أنهم يعانون من تسربات مياه الأمطار داخل حجرات منازلهم، كما وقفت “الفجر” على الربط العشوائي للكوابل الكهربائية، حيث يعمد الكثير منهم إلى ربط الأسلاك الكهربائية بطريقة عشوائية تنذر بالكارثة. وفي ذات الصدد، قال أحد قاطني الحي (ب.ج) أن نداءات السكان المتكررة لم تجد آذانا صاغية رغم تحولها في بعض الأحيان إلى اعتصامات أمام مقر الدائرة، مضيفا أن أفراد الحماية المدنية وقفوا أكثر من مرة على خطورة الموقف، حين أحسوا بوجود التيار الكهربائي بمجرد لمس أحد الجدران، وأرسلوا بتقريرهم إلى الشرطة العمرانية التي لم تتخطى مرحلة الوعود، كما استقبل السكان أكثر من مرة لجان المراقبة على أمل الحصول على سكنات لائقة، أو لمساعدتهم على ترميم البيوت التي يستأجرونها منذ عقود، لكن الحال بقي على ما هو عليه، مما يستدعي حسبه تدخلا عاجلا للسلطات المحلية، حفاظا على أرواح السكان وحماية لحي يحمل كل ركن فيه ذكريات تشكل روح مدينة مستغانم.