أثار الموقف الذي أعلنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، هوارد برمان، تجميد مائة مليون دولار من المساعدات للجيش اللبناني على خلفية اشتباك بلدة العديسة الحدودية بين الجيش والقوات الإسرائيلية، مواقف مستغربة قال النائب برمان، وهو ديمقراطي من كاليفورنيا، في بيان، إن قرار التعليق في الثاني من أوت مرده مخاوف من أي نفوذ محتمل لحزب الله داخل الجيش اللبناني، ولفت إلى أن مخاوفه تعززت إثر إطلاق جنود لبنانيين النار وقتل جندي إسرائيلي في المناوشات الحدودية الأسبوع الماضي، على حد قوله. ودعا المشرع إدارة الأمريكي الرئيس، باراك أوباما، لمراجعة معمقة لسياسة العلاقة بالجيش اللبناني. وما يعزز الاستغراب هو أن الناطق باسم الخارجية الأمريكية، فيليب كراولي، قال بعد ساعات على تصريح برمان أن الولاياتالمتحدة لا تنوي إعادة تقويم تعاونها العسكري مع لبنان في ضوء هذا الحادث، وان برنامج التعاون العسكري الأمريكي مع بيروت لا يزال في مصلحة واشنطن. وأضاف: “لدينا برامج تدريب مع لبنان. من الصعب القول ما إذا كان الأشخاص المتورطون مباشرة في الحادث استفادوا من برنامج للتدريب”. وفي بيروت، التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي وفداً من موظفي الكونغرس برئاسة نائب السفيرة الأمريكية لدى لبنان، توم داوتن، وأعضاء من مكتب التعاون الدفاعي لدى السفارة، وتناول البحث الأوضاع العامة. وكان رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين، نعمت افرام، نقل إلى الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، أمس، باسم الصناعيين “تثمينا لمبادرته الرامية إلى تسليح الجيش وتجهيزه”، لافتا إلى “أن الصناعة اللبنانية ستكون من أول المساهمين وهي تنتظر إقرار هذه الخطة والإعلان عن آلية التبرع”. وانتقد مستشار الرئيس اللبناني، ناظم الخوري، في تصريح إلى وكالة الأنباء الفرنسية القرار الأمريكي بتجميد المساعدة العسكرية قائلاً: “من مصلحة من يدعي انه يريد الدفاع عن سيادة لبنان أن يكون هناك جيش قوي، كانوا يقولون أنهم مع سيادة لبنان، ويتوجب عليهم أن يترجموا ذلك إلى أفعال”. ورأى الخوري أن “قرار الولاياتالمتحدة حر، لكن لماذا يعاقب لبنان؟ هل لأنه استشهد له جنديان وصحافي؟ الحق والقانون الدوليان إلى جانب لبنان الذي يدافع عن نفسه في وجه التعديات الإسرائيلية المستمرة منذ عقود، ولبنان دفع الكثير من الأثمان وطرح تسليحه بأسلحة دفاعية وليس هجومية”، مشدداً على أن “الوقت حان لتسليح الجيش بشكل فعال، واذا اتخذ لبنان هذا القرار فعلى الدول الصديقة مساعدته من اجل حماية نظامه السياسي وعيشه المشترك”. واعتبر مستشار رئيس الحكومة للشؤون الخارجية، محمد شطح، أن تجميد المساعدة للجيش اللبناني “غير مبرر ويضعف الجهود المبذولة لبناء جيش البلاد”. وأكد شطح أن “القوات المسلحة اللبنانية موثوقة وأي صديق للبنان لا يجب أن يتخذ خطوات يمكن أن تؤذي الجهود لبناء الجيش اللبناني”. وأكد عضو كتلة “البعث” النيابية قاسم هاشم “ضرورة تأمين كل التجهيزات للجيش اللبناني والبحث عن مصادر أخرى لدعمه وعدم البقاء أسرى السياسة الأمريكية”. ولاحظ في حديث غالى وكالة “الأنباء المركزية” أن الكونغرس والإدارة الأمريكية يبحثان دوماً عن ذريعة لمنع تسليح الجيش”، مشدداً على أهمية عدم التقاعس عن تعزيز قدرات الجيش بعد حادثة العديسة. وانتقد مفتي صيدا والزهراني، الشيخ محمد عسيران، في بيان “قرار الكونغرس تجميد المساعدات للجيش”، لافتا إلى أن “اللبنانيين ودولتهم سيسلحون الجيش وهم ليسوا في حاجة إلى أمريكا التي تقوي إسرائيل على حساب مصلحة لبنان”. وقال “إن لبنان بلد ذو سيادة ودولة مستقلة وجيشه تابع لدولة وضروري أن تسلح جيشها تسليحاً يتناسب مع سيادة الوطن”. وطالب “الدول الصديقة للبنان، بأن تعاون الدولة اللبنانية على تسليح الجيش. ودعا مجلس نقابة المحامين في بيروت السلطات اللبنانية الرسمية إلى “الإسراع في أقرار خطة تسليح الجيش اللبناني إنفاذا للبند الخاص المدرج في البيان الوزاري الذي على أساسه نالت حكومة الوحدة الوطنية ثقة المجلس النيابي، ووضع خطة شاملة لدعم صمود الجنوبيين الذين بتجذرهم في الأرض يشكلون عامل استقرار للواقع الوطني بأسره، لا سيما بعد مبادرة إسرائيل إلى تعبئة أنصارها ومؤيديها في العالم بغية منع تزويد الجيش بالأسلحة الدفاعية”. إيران تعرض تسليح لبنان بعد تجميد المساعدات الأمريكية وفي ذات السياق، أعربت إيران عن استعدادها لدعم الجيش اللبناني إثر قرار أعضاء بالكونغرس الأمريكي تجميد المساعدات العسكرية المخصصة له، على خلفية الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين قوة لبنانية وأخرى إسرائيلية أسفرت عن سقوط أربعة قتلى بين الجانبين الأسبوع الماضي، فيما قالت الخارجية الأمريكية إن الأنشطة الإيرانية تقويض لسيادة لبنان. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، أول أمس الثلاثاء، أن السفير الإيراني لدى لبنان التقى قائد الجيش اللبناني، جان قهوجي، وأبلغه استعداد الجمهورية الإسلامية “التعاون مع الجيش اللبناني في إي مجال من شأنه مساعدة الجيش على أداء دوره الوطني في الدفاع عن لبنان”. وأوردت أن العرض جاء على ضوء دعوة الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، إلى البلدان الصديقة والشقيقة مساعدة الجيش اللبناني. وإلى ذلك، صرحت الخارجية الأمريكية، وعلى لسان الناطق باسمها، فيليب كراولي، الثلاثاء، أن “التصريح الإيراني يوضح بجلاء الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد بأن مواصلة دعم الحكومة والجيش في لبنان يصب في مصلحتنا”. وأضاف قائلاً: “نعتقد أن الأنشطة الإيرانية، المباشرة وغير المباشرة، تقوض السيادة اللبنانية، وهذه من الأسباب التي تجعلنا نعمل بجهد لبناء علاقة فاعلة مع الحكومة اللبنانية لتوسيع قاعدة قدراتها وبالتالي سيادتها”.