شهدت بلدية بن باديس، الواقعة بنحو 40 كلم غرب ولاية سيدي بلعباس، نهاية الأسبوع المنصرم، على غرار باقي البلديات، وعدة رجال البلاد؛ التي تنظم سنويا، إذ تعتبر تقليدا تعارف عليه أبناء المنطقة وتوارثوه أبا عن جد، يتم من خلاله إحياء تراث وتقاليد المنطقة، لتظل راسخة لدى الأجيال تعد وعدة رجال البلاد بمنطقة بن باديس من أكبر التظاهرات التراثية بالولاية، والتي يصل صيتها إلى أبعد نقطة بالغرب الجزائري، حيث يتوافد عشية الوعدة الآلاف من محبي هذه الإحتفالات الأصيلة من مختلف الولايات المجاورة كتلمسان، عين تموشنت، وهران، سعيدة، معسكر، تيارت، البيض والنعامة، ويتجمعون في الساحة المخصصة للإحتفال أين تنصب الخيام التقليدية، لتبدأ في الفترة المسائية التظاهرة بجلسات الڤوال.. أين يتفنن الڤوالون في استعراض ما لديهم من حكم وأمثال قديمة تعبر بالدرجة الأولى عن الحياة اليومية وهمومها، وكذا سلوكات الأفراد، وتتخللها مقولات مأثورة لحكماء المنطقة تحمل كل معاني النصح والإرشاد. ومن أشهر الڤوالين الذين أمتعوا محبي هذا النوع من الفن.. الشيخ التواتي والشيخ بسناسل الذي تنوعت أقواله بين محاكاة الشباب بين اليوم والأمس، وكذا واقع المرأة في الحقبتين. لتليها جلسات الشعر الملحون التي أبدع شعراء محليون، وآخرون من ولايات تيارت ومعسكر، في تنشيطها داخل الخيمة الرئيسية، حيث تجاوب معها الجمهور الحاضر بقوة، خاصة فئة الشباب التي مافتئت تنجذب لتراثها وأصالتها، ومن ذلك قصيدة “الفاني” للشيخ المرابطي من منطقة سبدو، والتي نالت إعجاب الحضور، وما زاد من جمالها صوت آلتي “القلوز” والقصبة” المرافقتين للقصيدة.. ليتوالى بعده العديد من الشعراء بقصائد مختلفة تحكي زماننا الذي نعيشه. أما أحد الشبان الملقب بالشيخ السهلاوي، القادم من منطقة السهالة، فلم يتفان في ذكر معاناة أبناء غزة، مذكرا بمساندة أبناء الجزائر لهم في كل زمان ومكان.ومع بداية الساعات الأولى من الصباح الموالي، بدأت العشرات من فرق الخيالة القادمة من مختلف الولايات في التحضير لعروض “الفنتازيا” التي استقطبت العديد من العائلات، خاصة الأطفال الذين انبهروا بجمال الجواد العربي الأصيل ولباس الفارس وبندقيته التقليدية التي دوت طللقاتها أرجاء المنطقة، ناهيك عن رقصات الجياد على أنغام “البندير”. كما يستمتع الحضور بأنغام العلاوي ورقصاتها التي تشتهر بها الولاية، والتي يتجاوب معها الحضور بشكل كبير.. وتنظم على هامش الوعدة سوق شعبية يستغلها التجار في عرض منتوجاتهم التقليدية كالحلي والألبسة التقليدية، العباءة الرجالية التي تميز رجل المنطقة الغربية، ناهيك عن الحلويات التي تشتهر بها الوعدات كحلوة غزل البنات، والحلوى المعروفة ب”النوڤة” التي يتهافت عليها الكبار قبل الصغار.. لذلك فإنها فرصة سانحة لتجار المنطقة للربح الوفير والسريع! وبالموازاة مع ذلك تعارفت العائلات القاطنة بالمنطقة على تحضير طبق الكسكسي وتقديمه للحضور، فضلا عن تبرع البعض برؤوس أغنام وذبحها بالساحة، ثم تحضير طبق الكسكسي الذي يوزع على كل الحاضرين بدون استثناء، وذلك بالساحات العمومية المخصصة لإقامة الوعدة. وغير بعيد عن بلدية بن باديس، وببلدية بئر الحمام الواقعة جنوب ولاية سيدي بلعباس، كان الموعد أيضا نهاية الاسبوع المنصرم مع “الفنتازيا” وإحياء التراث، حيث أحيا سكان المنطقة وعدة سيدي سليمان، أحد أعلام المنطقة الذي يعد من تلاميذ الزاوية التيجانية، وكان من بين أحد الدارسين مع الشيخ بوعمامة، حيث انتقل سيدي سليمان إبان الثورة التحريرية من منطقة سيدي الشيخ بولاية البيض مسقط رأسه إلى منطقة بئر الحمام، أين أكمل مشواره الذي استثمره في الدعوة لمبادئ الإسلام وتوعية الشعب ضد الإستعمار الغاشم.