مع غلاء المعيشة وكثرة متطلبات الحياة، يلجأ رب الأسرة إلى وضع ميزانية خاصة تتلاءم وراتبه الشهري لتغطية مصاريف الحياة اليومية من أجل ضمان عدم تعثر متطلبات الحياة وتضمن أدنى شروط العيش الكريم. والطريقة المتبعة لتسيير ميزانية كل أسرة تختلف من بيت لآخر، على حسب طبيعة الراتب وعدد الأفراد، إلا أنها قد تقع على كاهل شخص واحد رغم تعدد المصادر، ما قد يحدث بعض الانعكاسات في الوسط العائلي، تصل في بعض الأحيان إلى نشوب بعض الخلافات أو النزاعات بين العائلة الواحدة. ولرصد آراء بعض العائلات حول فكرة تقاسم مصروف البيت، تحدثنا مع بعض الأشخاص، حيث قال السيد(خ..م)، رب أسرة، موظف في إحدى الشركات وأب لستة أطفال، بأن راتبه ضئيل مقارنة بمتطلبات الحياة اليومية، كما أنه هو المسؤول الوحيد الذي ينفق على بيته وعياله، بالإضافة إلى أن راتبه الشهري يكاد لا يكفيهم إلى نهاية الشهر، وبالتالي يلجأ إلى الأستدانة. ويقول سيد آخر متزوج ويعيش مع أهله رفقة زوجته وطفليهما بأنه يقوم بتقديم مبلغ من المال كل نهاية شهر بمشاركة إخوته إلى والدهم “المتقاعد”، وهو بدوره يقوم بعملية الإنفاق على البيت. وأضاف بأنه عاجز عن توفير منزل مستقر بسبب كثرة المصاريف، إذ أنه لا يستطيع أن يدخر بعضا من المال، وهو الأمر الذي يحدث مشاكل ونزاعات بين الإخوة تصل إلى حد الشجار. وتقول سيدة أخرى بأنها تعمل هي وزوجها ويعيشان في منزل حماها بسبب عدم حصولهما على مسكن خاص بهما، حيث قالت بأنها تعمل طول النهار وتصل في آخره إلى البيت منهكة من التعب، كما أنها تكون غائبة هي وزوجها عن مائدة الغذاء، وفوق هذا كله هي مجبرة على أكل الطبق الذي يكون محضرا في البيت، حتى وإن لم تعجبها نوعية الطعام. وبالمقابل، لا تستطيع أن تطهو شيئا آخر، علما أنهما يشاركان في مصروف البيت. فمن خلال هذه النماذج المذكورة يبدو واضحا أن تسيير الميزانية لدى العائلة التي يكون عدد أفرادها كبيرا يحدث خلافات كبيرة تحول دون تحقيق أهداف كل شخص، أو أنها تمنعه من تحقيق مشروع ما، فهناك من العائلات التي تتجنب الوقوع في الخلافات القائمة بين أبناء العائلة الواحدة، فيتحمّل الأب مسؤولية مصروف البيت كاملا، حيث كشفت لنا منال، وهي طالبة بإحدى الجامعات بأن والدها هو من يقوم بالإنفاق عليها وعلى إخوتها رغم أن لديها ثلاثة شبان يعملون جميعهم، كما لا تؤنب إخوتها أو حتى الطلب منهم مساعدته في تقديم بعض المال لتوفير متطلبات المنزل خوفا من حدوث أي مشكل بين الإخوة، لذا فهي تعتبر هذا التصرف إجحافا في حق والدها وأنانية من طرف الأبناء.