ها أنت راحلة !! كأنك تبحثين الآن عن شيء كأن حفيف أغنية يغازل نجمة راحت نسائمها تداعب خصرك الهفهاف / كم هجرتك أسراب العصافير الصغيرة حينما لمحتك تفترشين أقمار القصيدة ثم ترتعشين خوفا كلما مرت على باب المدينة غيمة تعدو وراء الريح !؟/ كم قفزت على ظهر الزمان حمائم الذكرى وطارت حينما وجدتك تغتسلين في نبع الدماء!؟؟ وكم غفوت على خيوط من حرير في أناملك الرقيقة غير أني مذ لمحتك تدخلين إلى بيوت مسّها الهجران قلت لنجمتي اقتربي قليلا كي أخبئ في ضفائرك الطويلة ماسة بيضاء / كانت تهبط الوديان كي تصغي إلى صوت العصافير التي تبكي وتشهق حينما ينْسلُّ من ثقب السماوات البعيدة صوتها المجروح تلك دموعها تنساب كالينبوع هذا سحرها الأزلي يصحو كي يخضب بالدماء جبينها المشقوق هذه مهرة بيضاء تركض في السفوح وهذه سحب تلوِّح من بعيد... أيها الوطن الذي يمضي إلى باب التهجي كيف اجلس مغمض العينين كي أصغي إلى صوت السماوات البعيدة ! كيف ارحل هاربا مني لألمح فتية يتسلقون الآن أسوار المدينة ثم يقتسمون قوت النمل ؟؟ كم سنة... سأبقى سائرا وحدي أفتش عن سماء كي أطل على نوافذك الصغيرة !!؟؟ كم طريقا سوف أقطع داخل الصحراء كي أبني من الكلمات مأوى تسكن الأشباح فيه أزين الجدران بالصور القديمة بين آونة وآونة لينسى فيه سكان القبيلة وحشة المنفى ؟؟ وكم مدنا ستحرقني لأبلغ جنتي الصغرى ؟؟ وأية موجة !؟ ستقلّني هذا المساء إلى مكان أنت فيه لكي أروّض في السفوح خيولك التعبى لتؤنس وحشتي ؟؟ ها أنت راحلة !!! وبعدك لا سيوف ولا مرايا يزهر الرمان فيها لا أرى إلا مراكبك الغريقة تمخر في عباب البحر نحو جزيرة الأحلام / أمشى حافي القدمين كي أضع الزهور على يديك وأحمل المدن الصغيرة فوق كفي مثل آنية من الأزهار أمسك في يدي قمر الطفولة كي أطوق نجمتين صغيرتين تعرشان كسروتين على نوافذ غربتي. عبد القادر العرفي