انفجر الخلاف الذي كان يهدد منذ بضعة أيام حلف شمال الأطلسي، حيث أكدت فرنسا رفضها أن يحل الحلف محل الائتلاف الدولي في ليبيا، فيما رفضت تركيا فكرة إعطائه صلاحيات كاملة لفرض منطقة حظر جوي وأعلنت ألمانيا سحب قواتها المشاركة في عمليات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في البحر المتوسط، وذلك بعد إعلان الحلف المشاركة في عمليات بحرية ضد ليبيا ضمن القوات الدولية التي تنفذ حظرا جويا على ليبيا من أجل حماية المدنيين ضد كتائب الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، مساء الثلاثاء، إن فرقاطتين ألمانيتين وسفينتين حربيتين يبلغ إجمالي أفراد طاقميهما 550 جنديا ستعملان في منطقة البحر المتوسط تحت القيادة الألمانية وليس تحت قيادة حلف الناتو. كما أشار المتحدث إلى أنه تم سحب نحو 60 إلى 70 جنديا يشاركون في عمليات استطلاعية بطائرات أواكس تحت قيادة الناتو في البحر المتوسط، وذلك بعد أن بدأ الحلف مهمة بحرية للمشاركة في تطبيق قرار حظر الطيران فوق ليبيا الصادر عن مجلس الأمن، وهو القرار الذي امتنعت ألمانيا عن التصويت عليه. وجاء الموقف الألماني عقب إعلان البيت الأبيض الثلاثاء أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ناقش “التقدم الكبير” في ليبيا مع نظيره الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، ويعتقد أن حلف الأطلسي يجب أن يكون جزءا من هيكلية قيادة الحملة العسكرية على ليبيا. وقال بين رودس المتحدث باسم البيت الأبيض إن الزعماء الثلاثة “ناقشوا (بمكالمة هاتفية) التقدم الكبير الذي تحقق في وقف تقدم قوات القذافي نحو بنغازي، إضافة إلى إقامة منطقة حظر جوي” فوق ليبيا. وأضاف رودس الذي يرافق أوباما في زيارته للسلفادور، أن الزعماء اتفقوا كذلك على أن “حلف الأطلسي يجب أن يؤدي دورا رئيسيا في هيكلية القيادة أثناء تقدم الحملة العسكرية”. وأكدت الولاياتالمتحدة، أمس الثلاثاء، تمسكها بتسليم قيادة العمليات العسكرية في ليبيا لحلفائها خلال بضعة أيام رغم الخلافات في حلف شمال الأطلسي بشأن القيادة. وقال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إنه فور استكمال حملة القصف الأولى التي تقودها الولاياتالمتحدة لأنظمة الدفاع الجوي التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي، فإن المخططين العسكريين ما زالوا عازمين على نقل القيادة. وأبلغ غيتس الصحافيين خلال زيارة لروسيا: “لا أود أن أسبق العمل الدبلوماسي الجاري، لكن مازلت أعتقد أنه من المرجح نقل (القيادة) خلال أيام قليلة”. وكانت تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، قد أعلنت أنه لا يمكنها الموافقة على اضطلاع الحلف بمهمة فرض منطقة الحظر الجوي إذا تجاوز نطاق العمليات الذي سمحت به الأممالمتحدة. وقال بيان البيت الأبيض إن أوباما ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان اتفقا على أن مهمة ليبيا يجب أن تكون جهدا دوليا يتضمن دولا عربية “يعتمد على القيادة الفريدة متعددة الأطراف وقدرات التحكم والسيطرة لحلف شمال الأطلسي لضمان أقصى قدر من الفاعلية”. وقال دبلوماسيون غربيون إن اتصال أوباما بأردوغان ساهم على الأقل في حصوله على تأييد تركيا لاضطلاع حلف الأطلسي بدور ما في فرض قرار الأممالمتحدة، ما قد يساعد على الإسراع بنقل القيادة. وقال مسؤول بالبيت الأبيض للصحافيين على متن طائرة الرئاسة (إير فورس وان)، أثناء جولة أوباما في أمريكا اللاتينية، إن الرئيس الأمريكي أكد في اتصاله الهاتفي مع أمير قطر على المساهمة القطرية في مهمة ليبيا. وعارضت فرنسا التي شنت الضربات الجوية الأولى على ليبيا يوم السبت منح حلف الأطلسي السيطرة السياسية على العملية رغم أنها تقول إنه ينبغي على الحلف دعمها. وفي موسكو قال الكرملين إن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أبلغ وزير الدفاع الأمريكي بأن روسيا تشعر بالقلق بخصوص احتمال وقوع ضحايا من المدنيين فيما وصفه باستخدام القوة “دون تمييز” في ليبيا. وفي الجزائر صرح وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أن التدخل العسكري والضربات الجوية ضد ليبيا “مبالغ فيه” بالمقارنة مع ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1973. وقال متحدث باسم القوات المسلحة الفرنسية، أمس الثلاثاء، إن فرنسا قد توسع عملياتها العسكرية فوق ليبيا إلى خارج منطقة بنغازي، بدءا من الأربعاء. وقال المتحدث الكولونيل تييري بيركار في إيجاز صحافي: “سنرى ما ستفعله المهمات اليوم (أمس) لكنه أمر ممكن فعليا”. وركزت فرنسا هجماتها الجوية في المنطقة المحيطة بمعقل المعارضة المسلحة في بنغازي، منذ تصدرها التدخل العسكري للائتلاف في ليبيا يوم السبت.