ست سنوات هو عمر حكم حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، و15 سنة هو عمر قناة الجزيرة التي تتخذ من قطر مقرا لها، وتقود اليوم وبامتياز حملة الإطاحة بالأنظمة العربية، بعد أن سجلت خلع اثنين منهم ووضع ثلاثة آخرين على خط الرحيل، وإن ظل الحديث عن النظام القطري ومساوئه خطا أحمر محرما وبشهادة العاملين في القناة، إلا أن حمد، الذي جاء إلى الحكم بعد انقلاب أبيض على أبيه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، لم يعد في منأى عن أخذ جرعة الرحيل المر هل ينقلب سحر "الجزيرة" على "الساحر"؟ الجزيرة قد تطيح أيضا ب “أمير قطر”! وها هو تسجيل صوتي سري يكشف وبلسان الرئيس الأمريكي، بارك أوباما، أن أمير قطر، الذي يسوّق للإصلاح عبر الجزيرة، هو آخر من يؤمن به، وهو التعبير الذي قد يجعل الأمير حمد قاب قوسين أو أدنى من تلقي صفعة سياسية يكون سببها قناة الجزيرة، وعلى الباغي تدور الدوار. المفارقة في الموضوع، هو أن الرئيس الأمريكي بارك أوباما أكد للصحفيين أن لقاءه مع أمير قطر كان وديا ومفيدا، مشددا على أنه يعتبر حمد بن خليفة رمزا للديمقراطية، شاكرا له مساعيه في قيادة موجة الإصلاح والتغيير في العالم العربي.. هكذا تحدث أوباما في المؤتمر الصحفي عقب اللقاء الذي جمعه بأمير دولة قطر. غير أن تسجيلا صوتيا لأوباما كشف الوجه الحقيقي لمشاعر الرئيس الأمريكي تجاه نظيره القطري. ففي وقت لاحق من ذلك اللقاء، في جلسة أخرى له قادته للحديث عن جمع التبرعات في الحزب الديمقراطي في شيكاغو من أجل الترتيب لعهدته الجديدة، عاد أوباما للحديث عن لقائه بأمير قطر ولكن بشكل غير معلن، حيث فضح ميكروفون أوباما حقيقة مواقفه تجاه أمير قطر، وقال أوباما وهو يهمس لأحد معاونيه: “حمد بن خليفة آل ثاني لا يفعل ما يكفي لتعزيز الديمقراطية في بلده”، وتابع : “أمير قطر يتناقض في كلامه ومواقفه تجاه التغيير في العالم العربي، إذ قال لي إنه لا ينوي أبدا إحداث أي تغيير أو إصلاح في قطر” وأضاف أوباما: “حقا، ليس هناك خطوة كبيرة نحو الديمقراطية في قطر”. وأوضح الموقع الإلكتروني لصحيفة فوكس نيشن الأمريكية أن أوباما شدد في حديثه عن أمير قطر ودور قناة الجزيرة قائلا: “حمد بن خليفة آل ثاني هو الداعم الكبير والمروج الكبير للديمقراطية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهو يردد الإصلاح والإصلاح والإصلاح عبر قناة الجزيرة، لكن لا إصلاح في قطر”. ويعتبر المراقبون كلام أوباما مؤشر امتعاض الولاياتالمتحدة من قطر وأميرها، سيكشف عنه في حال أدت مسيرة الجزيرة في إسقاط الأنظمة العربية إلى فشل المخطط الاستراتيجي في هذا الاتجاه. وشهدت علاقات دولة قطر والولاياتالمتحدة وإسرائيل تطورا كبيرا وتناغما في السياسات الخارجية بعد تولي حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم في قطر، حيث قام بتوثيق العلاقات معهما، وتستضيف قطر قاعدة السيلية، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ساهمت بشكل كبير في الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان، ورغم علاقاتها القوية بإسرائيل والولاياتالمتحدة تجمع حمد بن خليفة آل ثاني علاقات قوية مع إيران. وفي المقابل، يتحدث حمد بن خليفة آل ثاني للأمريكيين على أن العرب أعداء لدولته وأن خروج الأمريكيين من قطر سيمنح فرصة لدول عربية من أجل أن تحتل دولته. وتقود قطر اليوم بالتنسيق مع دول التحالف الغربي حملة الإصلاح والإطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي، وكان الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، قال في وقت سابق إن قطر ستشارك في العمل العسكري بشأن ليبيا بهدف إنهاء إراقة الدماء هناك. وتبنت قناة الجزيرة أجندة قطر الخارجية في وقت لا تسمح فيه بالحديث عن الملفات الشائكة في الشؤون الداخلية القطرية، كما أن حمد بن خليفة آل ثاني لم يسلم من محاولة انقلاب لإقصائه من الحكم بعد أن حاول الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني تدبير محاولة انقلابية لاسترداد الحكم، إلا أن تلك المحاولة فشلت، وتم ضبط قياداتها. وقالت تقارير قطرية إن القوات القطرية اعتقلت في ذلك الوقت 30 ضابطًا ووضعت 16 شخصية من شيوخ العائلة الحاكمة تحت الإقامة الجبرية بسبب هذه المحاولة الفاشلة، التي قادها رئيس هيئة الأركان، الجنرال حمد بن علي العطية. ولم يذع التلفزيون القطري ولا الجزيرة شيئا بخصوص تلك القضية، مكتفيا بالإشارة إلى حساسية الموقف السياسي الحاصل الآن في قطر، التي تمر بالكثير من التحولات السياسية المهمة. وجاءت تلك المحاولة الإنقلابية في شهر مارس الماضي بعدما حاول شباب من دولة قطر القيام بثورة تغيير ضد الأمير بعدما نشروا على موقع الفايس بوك صفحة تحت مسمى “16 مارس ثورة الحرية في قطر” إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل ونجح مؤيدو الأمير في اختراق الصفحة وتوجيه دفة الثورة نحو بر الأمان، الذي يؤكد مؤيدو الأمير على أن أميرهم نجح في قيادة دولة قطر نحو تطور تاريخي جعل منها في مصاف الدول الكبرى، مشددين على أن لا مناخ للمعارضة في قطر ولا وجود للانقلابات، على حد قولهم.