آخر ما كتب الصديق الشاعر علاوة كوسة الصغير.. .. بالأمس زعزعني الحنينُ وقد رأيت الشّمسَ والقمرَ ''المورّدَ'' والكواكبَ كالمصابيح الكسيرة في الظّلامْ.. .. بالأمس حرّكني الحنينُ فجئتُ من أقصى المدينة باحثا عن إخوة لي ضيّعوني... ذات عامْ أو .. ربّما - خوفا عليّ - قد رموني في بحار مالها شطآنُ ... أو كانوا نسوني في ديار لم يطب فيها المقامْ أو.. ربّما.. قد نال منهم ذئبُ غابتنا التي ظلّت تحاصِرُ ما تبقى من "صبايا" في الخيامْ يا ريحَهم هبّي فإنّ القلب من جزع عليهم.. كالحطامْ إنّي ليحزنني فراقُ أحبّة كنّا هنا نبني قصورَ الأمنيات ونزرع الأعمارَ أفراحًا نوزّعُ في المدائن بعضَ أطواق السّلامْ.. كنّا - وبعضُ الأمس محفورٌ بأوردتي - نغنّي للصّبايا.. مثلما غنّى على الأيك الحَمامْ.. .. واليومَ حينَ ذكرتُكم يا إخوتي... ألفيتُ سيلاً من دموع تحرق الخدّين.. قد راحت تنوب عن الكلام ْ إنّي أبِيتُ على الأسى وأظلّه.. ويظنّ غيري أنّني أحيا كما يحيا "الكرام ْ" حسْبي إذا ما النّاس عاشوا بين أهليهم سنينَ العمْر أنّي.. لا أرى الأحبابَ والخلاّن إلاّ في تفاصيل المنامْ وأرى - وإنْ أغوينني - تلك التي كانت تفكّر أن أجيئها فارسا .. أو فاتحا.. أو حاملا باقات حلمٍ إذْ نسافر كي نعيش العمر بين وجنات الغمامْ إنّي - ويا أسفي على الأحلام - شيخٌ طاعنٌ في الجرح.. قد آنست نارا... هاهنا... وهنا على الشّفتين قد ناحت حمامات السّلامْ يا إخوتي.. أنا ما ادّعيت بأنه قد خانكم ذئبٌ.. كما خانت تسابيحَ الضحى شفةُ المساءْ... يا إخوتي.. في الجبّ متّسع لأحلامي.. وأحلامِ الذين تركتهم بعدي.. وماءْ.. في الجبّ منفاي الجميلُ وخلوتي... معراجُ رؤياي الوحيدةِ في السّماءْ... في الجبّ... أسرارٌ... ستكشفها الدّلاءْ... في الجبّ رزْقُ العابرين... وحسرةٌ... "باعوك يوسفُ ويلَهم" "باعوك يوسفُ ويلهم" أوَ لسْنا قوما لا نبيع الأنبياءْ...؟ يا إخوتي.. هذا قميصي قُدّ من كلّ الجهاتِ ومن جراحاتي القديمة بات ينبض بالدّماءْ.. ألقوا به في الجبّ تنفتحِ السّماءْ.. ولترْكبوا سفنَ النّجاة فإنّني... سأظلّ قرْبَ الجبّ أحترف البقاءْ.. سأظلّ قرْبَ الجبّ أحترف الب... قا... ءْ.