في آخر محطة من جولته الأوروبية التي شملت كلا من إيرلندا وبريطانيا وفرنسا، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أمس، إن ازدهار الحرية والنمو الاقتصادي في بولندا، هو ما شكل في حقيقة الأمر شرارة الثورات العربية، وقال: "إن تجربة بولندا في الانتقال إلى الديمقراطية تشكل نموذجا يَحتذي به الربيع العربي" وصف الربيع العربي بأنه امتداد أوروبي يعود الفضل فيه لدولة بولندا اعتبر أوباما في مؤتمر صحفي في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك، أن تجربة بولندا الفريدة من نوعها في التغيير الديمقراطي يمكن أن تقدم مساعدة كبيرة للدول التي تناضل لتحقيق الانتقال الديمقراطي وأضاف في إشارة إلى ثورتي تونس ومصر :"ما نراه هو عملية انتقال لا تمضي دائما على نحو سلس، وستكون هناك تقلبات". وخلال رحلته الاوروبية التي استمرت أسبوعا، استغل الرئيس الامريكي، باراك أوباما، قصة حياته لاستمالة القارة التي يشعر البعض أنه أهملها في الوقت الذي سعى فيه للتواصل مع دوائر انتخابية مهمة على الصعيد السياسي في الولاياتالمتحدة. من إيرلندا الى بريطانيا وبولندا، اكتشف أوباما، الذي ولد لأب كيني وأم من كانساس جذوره الاوروبية واستغلها ليبهر حشودا غفيرة من مواطني دول أجنبية والتقاط صور قد تظهر في إعلانات حملته الانتخابية في العام المقبل. وقال أمام حشد يضم نحو 25 ألف شخص في دبلن بعد ساعات من زيارته البلدة التي عاش فيها جده الاكبر "اسمي باراك أوباما - من عائلة أوباما من مونيجال - وقد جئت إلى مسقط رأسي لأجد الفاصلة التي فقدناها مع الأيام" مازحا بشأن طريقة كتابة اسمه في إيرلندا؛ حيث تضاف فاصلة لا تظهر في كتابة الاسم في الولاياتالمتحدة. وقال للملكة اليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا "أحمل تحيات حارة من عشرات الملايين من الامريكيين يزعمون أن لهم أصولا بريطانية وأنا أحدهم من خلال عائلة والدتي". وفي وارسو، تحدث عن مدينته شيكاغو ليقيم رابطة مع واحدة من أبرز الجماعات العرقية في المدينة. وقال في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك "إذا عشت في شيكاغو ولم تصبح بولنديا ولو قليلا فإن ثمة خطأ بك؟". والنتيجة أن أول رئيس أمريكي أسود أقام صلة شخصية بثلات من الدول الاوروبية الاربع التي زارها ليدعم صورته في الدول الاوروبية بعدما ركز على أسيا في السنوات الأولى لإدارته، ما أثار قلقا من تحول هائل في الاهتمام الأمريكي صوب الشرق. وقالت هيذر كونلي، خبيرة الشؤون الاوروبية من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن الزيارة أظهرت أن أوباما مد يديه "لمجتمع الاطلسي" في الغرب وفي منطقة اسيا والمحيط الهادي في الشرق في ذات الوقت. وقالت "الزيارة أنجزت المهمة. يبين بكل تأكيد ان قصته هو شخصيا تمتد في كلا الاتجاهين." وفي فرنسا، الدولة الوحيدة التي لم يزعم أن ثمة جذور عائلية أو صلات ثقافية تربطه بها، التقى أوباما مع قادة الدول الصناعية الاعضاء في مجموعة الثماني وتبنت جميعها موقفا موحدا بشأن ضرورة رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي، لكنه انجاز محدود على مستوى السياسة الخارجية لرحلة استغرفت ستة أيام وطغى عليها كثيرا الطابع الاحتفالي. كما عزز اطراء رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، للعملية الامريكية الناجحة التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قوة اوباما السياسية على صعيد الامن القومي. وفي ظل منافسة محتملة من منافسين جمهوريين لترسيخ مؤهلاتهم الرئاسية ساعدت الرحلة في أن يبدو اوباما مترفعا عن الصراع السياسي المحلي. كما أن الصور التي ترسخت في اذهان عشرات الملايين من الامريكيين من أصول ايرلندية ومواطنين أمريكيين من أصول بريطانية وبولندية كانت ميزة.