استوقفتني يوم الخميس الماضي مذيعة على قناة الجزيرة كانت تزعق وتقرّع وتولول وهي تجادل صحافيا مسكينا من دمشق، بينما كانت القناة المذكورة تكرر عرض صور لجثة طفل سوري قيل لنا إن السلطات السورية خطفته وعذبته وقتلته ومثلت بجثته ثم أعادته إلى ذويه، فما كان من هؤلاء إلا أن أخذوا له الصور وأرسلوها إلى قناة الجزيرة لتبثها على الملأ. تذكرت وأنا أمام هذه المشاهد المقززة، صور الجثث التي أخرجت في رومانيا، أثناء الانقلاب على تشاوسيسكو، وتذكرت أيضا الرواية عن حاضنات الأطفال في الكويت التي قطع الجنود العراقيون الأكسجين عنها، وتذكرت صور الطيور على التلفزيون الفرنسي، وهي تغرق في وحول النفط إلخ... خطرت لي... صور كثيرة وروايات، كانت تظهر في بلاد الغرب فتثير غضب الناس في أفغانستان وباكستان. أليس كل هذا استخفافا بعقول الناس؟ لماذا أجد نفسي مضطراً لسماع السيدة المذيعة على قناة الجزيرة وهي تحاول أن تقنعني بأن أجهزة الأمن السورية رأت أن من مصلحة النظام ارتكاب جريمة شنيعة دون أن تحاول إخفاءها على الأقل؟؟ أليس استخفافا بالعقل أن تتطوع حكومة قطر في "الثورة" الليبية، وليبيا تحيط بها أكبر دولتين عربيتين، مصر والجزائر؟ أي منطق يجيز لقطر أن تقوم بهذا الدور؟ قطر لديها أموال، وعلى أرضها قواعد أمريكية، وفي رعايتها ينشط اتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي، شيخ ثورة ليبيا، ويبدو أنها تحتضن أيضا مراكز للدرسات يرأسه السيد عزمي بشارة، مفكر الثورات العربية "الإخوانية". ولكن هل يكفي هذا كله؟.. تحية لكم. علي سالم درويش ونسيت أن تقول يا سي علي أن قطر الإمارة كان لها الفضل "العظيم" في تلويث سمعة "الفيفا" بالفساد الذي مارسته معها.. فالفساد وتبذير المال العام عند العرب عموما وقطر خصوصا لم يعد معرة بل أصبح "قفازة" وشطارة سياسية وزعامة دولية! "الفيفا" كانت في النقاء وحسن التسيير تشبه الأممالمتحدة فيها الفساد عار ما بعده عار.. حتى احتكت بالمسؤولين في إمارة قطر فأصبحت رائحة الفساد تزكم الأنوف! أمير قطر يتصرف في المال العام في قطر مثل الإله: "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"! ومع ذلك يقدم نفسه عبر الجزيرة كمحرر للعرب من الفساد السلطوي والاستبداد السياسي! وسيكتب التاريخ بأن أمير قطر هو الذي كان له الفضل في إدخال الفساد إلى "الفيفا" فأصبحت هذه المنظمة الكروية العالمية تشبه الدول العربية التي يريد أمير قطر أن يغير الأوضاع فيها! وجود المنافق القرضاوي وبشارة عزمي في إمارة قطر يدل دلالة واضحة على نوعية الرسالة التي تريد إسرائيل وأمريكا إيصالها لنا عبر هذه الإمارة ومن يتخذونها قاعدة لنشاطهم! والمصيبة أننا أصبحنا مخيرين بين طاعون مبارك والقذافي والأسد وكوليرا قطر ومن لف لفها! أو نختار بدلا عنهم "سيدا" بقية الحكام العرب أو توفيس بقية الملوك الآخرين! نعم لقد أصبحنا بفضل قطر نصدر الفساد إلى المنظمات الدولية ولا نصدر الغاز والبترول فقط!