نجوم الراي، أدباء وسينمائيون أمام الرهان أيضا أضحى لاعبو المنتخب الوطني قاب قوسين أو أدنى من التخلي عن جنسيتهم الجزائرية بعد هزيمتهم أمام نظرائهم المغاربة بنتيجة ثقيلة وصفها الشارع الجزائري بالعار، وتباينت مواقف الصحف حول اعتبارها مؤشرا واضحا نحو إقصاء حتمي للمنتخب من نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وفي وقت تتجه فيه الحكومة الفرنسية نحو إقرار تعديلات على قانون الجنسية بما يفرض على مكتسب الجنسية الفرنسية الخيار بين جنسيته الأصلية أو الفرنسية دون الجمع بينهما. من أبرز التعديلات في قانون الجنسية الجديد في فرنسا، التقليص من الحقوق السياسية لمزدوجي الجنسية، حيث رأت باريس أنه من غير المعقول أن يصوت قرابة خمسة ملايين نسمة، يمثلون هذه الحالة في الانتخابات الفرنسية وانتخابات في بلدانهم الأصلية. وفي هذا الصدد، تلوح في الأفق اتجاهات رسمية تقود نحو تخل نهائي لأبرز لاعبي المنتخب الوطني عن الجنسية الجزائرية مقابل الاحتفاظ بالجنسية الفرنسية من أجل ضمان بقائهم ضمن قوائم اللاعبين المحترفين في الأندية الأوروبية، خصوصا بعدما كشف النائب الفرنسي عن حزب نيكولا ساركوزي، كلود غواسغين، وهو مقرّر اللجنة الاستعلامية البرلمانية حول الجنسية، عن نيّة الحكومة الفرنسية التقليص من أعداد مزدوجي الجنسية والبالغ عددهم اليوم في فرنسا ما بين أربعة وخمسة ملايين أغلبهم جزائريون. وكان النائب الفرنسي تحدث عن مضمون المشروع وتفاصيله التي ستطال بالأساس مكتسبي الجنسية الفرنسية عن طريق الزواج المختلط وحتى الرعايا الذين يولدون على الأراضي الفرنسية، لكن أصولهم أجنبية. وبهزيمتهم الثقيلة أمام منتخب المغرب، أصبح لزاما على كل من كريم زياني، عنتر يحي، مجيد بوڤرة، رياض بودبوز، حسان يبدة، مراد مقني، مدحي لحسن، فراج إبراهيم، مطمور، فؤاد قديورة، رفيق جبور، جمال مصباح، محمد عبد القادر غزال، جمال عبدون وغيرهم من أبرز لاعبي المنتخب الوطني الذين أهدوا للجزائر قبل سنتين فرحة ذهبية عز نظيرها في تاريخ الكرة الجزائرية منذ ما يزيد على عقدين، صار لزاما عليهم الاختيار بين هويتهم الجزائرية أو جنسيتهم الفرنسية، في الوقت الذي يؤكد فيه المراقبون على أن هزيمتهم هذه المرة والتي زادها مرارة تبخّر أحلام الجزائريين في الدخول إلى منافسات كأس إفريقيا السنة القادمة بعد أن كان الرأي العام الجزائري يعلق عليها آمالا كبيرة لإعادة أجواء أم درمان إلى شوارع الجزائر. وتؤكد الذاكرة الكروية أن اللاعبين الأفارقة والجزائريين يفضلون عادة المنتخبات الأوروبية على منتخبات بلدانهم الأصلية، لما للأندية الأوروبية من إمكانيات وهو ما يعني في حالة لاعبي الفريق الوطني وضع تاريخهم الكروي في رهان مع النسيان إذا ما قرروا الحفاظ على جزائريتهم. وبحسب المراقبين فإن نجوم المنتخب الوطني سيفضلون حتما الجنسية الفرنسية على الجزائرية إذا اضطروا إلى ذلك. التاريخ قد لا يعيد نفسه ويستبعد المراقبون أن يعيد نجوم المنتخب الوطني اليوم أوراق التاريخ التي شكلها في عهد سابق نجوم من ذهب زاد بريقهم عندما قرروا الهروب من فرنسا سنة 1958، وهنا نتحدث عن اللاعبين الجزائريين المحترفين أمثال رشيد مخلوفي، مصطفى زيتوني ومحمد بومرزاق، عندما قرروا الهروب من فرنسا من أجل الالتحاق بصفوف ثورة التحرير سنة 1954، وهو ما قسم ظهر فرنسا وقتها بعدما شكل أكبر مفاجأة أدركت من خلالها مدى قدرة جبهة التحرير الوطني على تجنيد الجزائريين الذين كانوا يعيشون لهيب الثورة في وجدانهم وهمهم الوحيد في تلك الفترة هو طرد المحتل الذي اضطر إلى الانسحاب مدحورا ومهزوما أمام بسالة المجاهدين الأحرار لما للرياضة من شعبية كبيرة وخاصة كرة القدم، مقررة تأسيس فريق مكون من اللاعبين الناشطين في البطولة الفرنسية وهو ما رفضه جيل ثورة التحرير في تلك الفترة الرهان على نجومية اللعب في الأندية الفرنسية على حساب الهوية الوطنية والأصول الثابتة. أدباء، نجوم سينما ونجوم الراي أيضا أمام رهان الاختيار أسماء كبيرة ليست فقط في مجال الرياضة سيجرفها التاريخ لتكون ضمن قائمة رموز فرنسا ومبدعيها إذا اختارت ذلك، سواء في مجال السينما كما هو شأن المخرج رشيد بوشارب الذي أرهب اليمين الفرنسي بفيلمه “الخارجون عن القانون “، وهو الفيلم الذي جسد فيه بوشارب ملحمة المهاجر الجزائري المناضل في سبيل قضيته الوطنية، فهل سيثبت بوشارب على مواقفه الفنية وعلى رقصاته فوق البساط الأحمر، كما فعل في مهرجان كان سنة 2010 عندما استهزأ بمعارضي الفيلم مطلقا العنان لأغنية “يا الرايح” قبل أن يخطف قلوب اليمين الفرنسي بالنشيد الوطني الجزائري؟ ولا يعتبر بوشارب أكثر من بداية لقائمة طويلة من الفنانين والكتاب مزدوجي الجنسية، كما هو حال الكاتب محمد مولسهول، المعروف بياسمينة خضرة الذي تتطرق بأفكاره إلى مواضيع تهز أفكار الغربيين عن العالم العربي، حيث ينتقد الحماقات البشرية وثقافة العنف، ويتحدث عن جمال وسحر وطنه الأم الجزائر، ويدافع عن المغتربين في الخارج الذين يشعرون ألا أحد يهتم بهم. ومن الأدب إلى الأصوات والفنون، شبح القرار يخيم على الشاب مامي، الذي غادر سجن “مولان” قبل شهر ليجد نفسه أمام اختبار كبير حول علاقته مع فرنسا التي ساهمت في منحه الفرصة العالمية للنجومية قبل أن تقرر سجنه بتهمة أخلاقية، من الجيل الأول من المهاجرين الجزائريين رشيد طه الذي استقر في فرنسا مع عائلته في ستينيات القرن الماضي والقائمة تطويل لتعانق الشاب خالد وفضيل وحتى سعاد ماسي التي لطالما تغنت بالجزائر. وإن كان البرلمان الفرنسي يقر بتنامي ظاهرة ‘'العنصرية'' في فرنسا، حيث يقول في هذا الأمر إنه ‘'لا يمكن عزل مشكلة الجنسية عن التفكير العام، ربما يستحيل إزالة جميع مزدوجي الجنسية كما يطالب بعض المتطرفين، مشيرا إلى أن تجسيد مشروع تخفيض عدد مزدوجي الجنسية، قد يتأتى أيضا بفتح حوار مع الدول المعنية، وفي حال الذهاب نحو الخطوة من قبل الحكومة الفرنسية فسيكون الطرف الجزائري أهم جهة تتجه نحوها المفاوضات بحكم أن أكبر عدد من الجاليات الأجنبية التي تكتسب جنسية فرنسية أصولهم جزائرية. أكثر اللاعبين انتفاعا بالجنسية الفرنسية رياض بودبوز، من مواليد 1990 في كولمار بفرنسا، هو لاعب كرة قدم جزائري يلعب حاليا لنادي سوشو الفرنسي في دوري الدرجة الأولى. فؤاد قادير، ولد سنة 1983 في مارتيغ بفرنسا، لاعب كرة قدم جزائري يلعب حاليا لصالح نادي الدرجة الأولى فالينسيان الفرنسي منذ 2009 في مركز الوسط المحوري. كارل مجاني، هو لاعب كرة قدم جزائري، ولد سنة 1985 في ليون بفرنسا من أب جزائري وأم فرنسية، وهو يلعب حاليا مع نادي أجاكسيو في وسط الدفاع. مهدي مصطفى، ولد في 1983 في ديجون بفرنسا من أب جزائري وأم فرنسية، هو لاعب كرة القدم جزائري دولي، يلعب حاليا في خط وسط أولمبيك نيم في دوري الدرجة الاولى الفرنسي 2 . حسان يبدة، لاعب كرة قدم جزائري، ولد في 1984 في باريس، كان يلعب في فريق نادي أوكسير وهو الآن ينشط في فريق نادي نابولي، فاز مع منتخب فرنسا تحت 17 سنة بكأس العالم سنة 2001 لكنه في 11 أكتوبر 2009 تم استدعاؤه للعب في صفوف منتخب الجزائر. والوافد الجديد في صفوف الخضر، إبراهيم فراج، من مواليد 1991 بفرنسا ويلعب مدافع أيمن لنادي بريست الفرنسي، الذي ينشط في بطولة الدرجة الثانية.