بقدر ما أثار قرار الاتحادية الفرنسية لكرة القدم الخاص بنظام الحصص في تكوين المواهب الشابة في المدارس الفرنسية حفيظة الكثير من المدربين و اللاعبين القدامى واعتبروه شكل من أشكال العنصرية والقد الدفين لكل ما هو إفريقي وعربي، فإنه جعل بعض المتتبعين للشأن الكروي يطالبون المسؤولين بحفظ الدرس جيدا والتخلي عن الإنتاج الفرنسي لاستغلاله في الجزائر، وهو السبب الأول الذي دفع الاتحاد الفرنسي إلى إثارة هذه القضية، حيث عمل كل ما في وسعه لمعارضة قانون الباهاماس الذي استفادت منه الكثير من المنتخبات منها المنتخب الوطني، حيث سمح للفاف بجلب عدة نجوم ساهمت في تأهل الخضر إلى المونديال ورفعت من شأن الكرة الجزائرية على غرار يبدة، زياني، مغني وبودبوز، ورأى الفرنسيون أن هذا القانون انتزع منهم المواهب التي صرفوا عليها أموالا ضخمة لكن لم يستفدوا منها أبدا بل واستعملتها بعض المنتخبات ضد الديوك، حيث رأوا أن المدارس الفرنسية تقوم بتجهيز المنتخبات الإفريقية والمغاربية بلاعبين مؤهلين مع تكلفة فرنسية واستفادة إفريقية. ضرورة الاعتناء بالمدارس الكروية والفئات الصغرى ويرى بعض الاختصاصيين أن قرار المدرب الفرنسي بلان ينبغي أن يرفع من همة مسؤولي الكرة في الجزائر و ذلك بالكف عن الإعتماد على ما تجوب به المدارس الفرنسية و التوجه إلى استغلال المادة الخام التي تزخر بها البلاد، حيث أن هناك عددا كبيرا من المواهب التي تحتاج فقط إلى الإعتناء بها وصقلها منذ الصغر خاصة وأن الكرة الجزائرية دخلت عهد الاحتراف الذي يرتكز بالدرجة الأولى على التكوين القاعدي، غير أن هذا الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية و توفير إمكانيات مالية ضخمة وإطارات ذات كفاءة عالية، ولو أن ذلك يتطلب وقتا اطول، إلا أنه سيساعد على التخلي تدريجيا عن المواهب التي تكونها المدارس الفرنسية و بالتالي رد الإعتبار للاعب المحلي. ومن جهة أخرى، فإن هذا القرار قد يضع حدا للتوجه الذي تبنته الجزائر مؤخرا بالاعتماد كليا على هذا الصنف من اللاعبين الذين يحملون جنسية جزائرية وتكوين فرنسي. التكوين القاعدي أمر مفروض في حال تطبيق قرار المدرب الفرنسي هذا وفي حال تطبيق القرار من طرف الإتحادية الفرنسية خلال الإجتماع المزمع عقده يوم غد، فإنه لن يكون هناك خيار ثاني أمام البلدان الإفريقية ومنها الجزائر غير العودة إلى التكوين القاعدي والإعتناء بالمواهب الشابة المحلية وتدعيم الأندية بكل أصنافها حتى يتم إعداد لاعبين محليين قادرين على حمل قميص المنتخب الوطني، لأن في الوقت الراهن لا يزال هذا الأمر بعيدا عن الواقع في بلادنا لكون اللاعب المحلي يبقى يقدم أداء باهت كما أنه غير ناضج تكتيكيا نظرا للتهميش الذي يعاني منه في ناديه خاصة وانه يتم ترقيته إلى صنف الأكابر في وقت سريع دون الإستفادة من القواعد الأساسية للعبة في الأصناف الصغرى.
بن شيخة لم يستطع تطبيق سياسته القاضية بالاعتماد على المحليين في المنتخب الأول وما يثبت محدودية اللاعبين المحليين هو انتهاج المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة لنفس طريق سابقه رابح سعدان وهو الاعتماد الكلي على المنتوج الفرنسي الجاهز و الذي اتى بأكله، وهذا رغم ان الجنرال حاول تغيير الأمور عند مجيئه إلى العرضة الفنية للخضر وذلك بمحاولة تطعيم التشكيلة الوطنية باللاعبين المحليين بصفة تدريجية لكنه اصطدم بعدة عراقيل منها الإنتقادات اللاذعة التي وجهت له من طرف الصحافة و المدربين السابقين واللاعبين القدامى وكذلك الشارع الرياضي إضافة إلى اكتشافه لمحدودية مستوى اللاعب المحلي لا سيما في البطولة الإفريقية التي جرت في السودان في شهر فيفري الماضي، ويبدو أنه سيرمي بالأسماء المحلية المتواجدة في المنتخب خارج القائمة تحسبا لتربص إسبانيا الذي سينطلق يوم 20 ماي الجاري تحضيرا لمباراة العودة من تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2012 أمام المنتخب المغربي. نية الفرنسيين مبيتة منذ جلب يبدة ومغني إلى صفوف الخضر وكانت نية مسؤولي الكرة الفرنسية مبيتة منذ تصفيات كأس العالم 2012 ، حيث واجه رئيس الفاف محمد روراوة هجوما عنيفا من الفرنسيين بعدما تمكن من إقناع كل من يبدة ومغني بتقمص ألوان المنتخب الفرنسي وهما اللذان لعبا لمنتخب الديوك في الأصناف الصغرى، حيث طالبوا آنذاك الفيفا بإلغاء قانون الباهاماس الذي يمنح الحق للاعبين مزدوجي الجنسية باختيار المنتخب الذي يريدونه سواء تعلق الأمر بالبلد الأصلي أو الذي يحملون جنسيته، ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، ومنذ ذلك الحين وهم يبحثون عن أفضل السبل لعرقلة القانون على الأقل فيما يتعلق بفرنسا، إذ حرم قانون الباهاماس منتخب الديوك من عدة نجوم إفريقية على ذكر يبدة، زياني، مغني، بودبوز، دروغبا، أديبايور، كايتا وغيرهم وهو الأمر الذي أثار حفيظتهم، علما بأن منتخب فرنسا تمكن من التتويج بكأس العالم لسنة 1998 بفضل خدمات اللاعبين من أصول إفريقية ولم يكن يضم آنذاك سوى ثلاثة لاعبين من أصل فرنسي.