في تطور خطير للأحداث في ليبيا، اتجه قادة المعارضة الليبية لإعلان التصادم مع فرنسا التي ساهمت بشكل كبير في مد خطهم سواء بالدعم اللوجيستي المتمثل في كونها أول دولة تعترف بمجلسهم الانتقالي، أو من خلال الدعم العسكري المتمثل في مدها بالأسلحة التي ألقتها لهم من الطائرات صرح العقيد جمعة إبراهيم، قائد مركز العمليات العسكرية لغرب ليبيا لوكالة” فرانس براس” أن ”متمردي” جبل نفوسة يرون أنه ”من المستحيل حتى الآن التوصل إلى حل سياسي” مع نظام معمر القذافي. وهو ما يتعارض مع تصريحات المسؤولين الفرنسيين الذين أكدوا أن فرنسا بدأت تفكر جديا في حل سياسي للأزمة، خصوصا بعد تسرب معلومات عن رغبة الزعيم الليبي معمر القذافي التنحي عن الحكم كما أوضحت ذلك ” صحيفة ”فايننشال تايمز” في عددها الصادر أمس. قال العقيد جمعة إبراهيم: ”حتى الآن، من المستحيل إيجاد حل سياسي. القذافي يريد البقاء في مكانه والمتمردون لا يريدون ذلك”، وذلك غداة إعلان فرنسا عن اتصالات جرت مع ممثلين للسلطة الليبية. وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أعلن الثلاثاء أن اتصالات تجري مع مبعوثين من النظام الليبي أبلغوا حكومته أن القذافي مستعد للرحيل ويودون التفاوض بهذا الشأن. وأضاف العقيد إبراهيم أن القذافي يسعى إلى كسب الوقت لأنه يواجه هجوما متمردي الغرب الذي بدأ الأسبوع الماضي في محاولة لتطويق طرابلس. وقال: ”في اللحظة الأخيرة يبحث القذافي عن حل سلمي لأنه ضعف. كل الجنود والمعدات (الجيش النظامي) ينتقلون إلى معسكرنا الواحد تلو الآخر. نتقدم ببطء لكننا لن نتوقف ولن نتراجع”. ونقلت صحيفة ”فايننشال تايمز”،عن مصادر مطلعة على الاتصالات غير الرسمية بين النظام الليبي وأعضاء التحالف بقيادة منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الداعمين للمعارضة الليبية المسلحة، أن العقيد معمر القذافي أبدى استعداده للتنحي إذا تم الوفاء بشروط معينة. ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي مشارك في المفاوضات مع وسطاء من طرابلس قوله: ”إن التحالف اقترب ولكن ليس بما فيه الكفاية من إيجاد حل تفاوضي من شأنه أن يرى العقيد القذافي يتخلى عن السلطة”. وقالت الصحيفة إن شروط القذافي تتضمن السماح له بالبقاء في ليبيا، وإسقاط تهم المحكمة الجنائية الدولية ضده، مع أن مصدراً مقربا من التحالف أكد أن مثل هذه الخطوة المثيرة للجدل سيتم النظر فيها بعد تنحي الزعيم الليبي عن السلطة. ”ثوار” بنغازي مدانون بارتكاب جرائم في حق المدنيين الليبيين المجلس الانتقالي الليبي يقود شرق ليبيا نحو أزمة إنسانية. هكذا وصف عدد من الأطباء في تصريحات إعلامية، أمس، الأوضاع الإنسانية في شرق ليبيا التي تسيطر عليها لمعارضة الليبية منذ ستة أشهر، بعد أن تمكنوا من دحر كتائب القذافي والدفع بها إلى التراجع إلى ما بعد مدينة بنغازي على حدود مدينة بني جواد ورأس لانوف. وقالت مصادر طبية ليبية إن المستلزمات العلاجية والمواد الدوائية بدأت في النفاد من مناطق البلاد الشرقية، وأكدت أن أغلب المستشفيات دقت ناقوس الخطر لجميع الجهات الإنسانية بعد شروعها في استخدام الاحتياطي. واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس، الثوار الليبيين بارتكاب حرائق وأعمال نهب وتجاوزات بحق المدنيين. وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان في بيان إنها ”شاهدت بعض هذه الأعمال، وقابلت شهودا بشأن أعمال أخرى، وتحدثت مع أحد قادة الثوار عن هذه التجاوزات”. وأضافت أن التجاوزات حصلت في خلال الثلاثة أشهر الماضية وبعضها حصل الأسبوع الماضي، مع تقدم الثوار عبر جبل نفوسة جنوبطرابلس. وقالت إن ”الثوار وأنصارهم قاموا في أربع مدن سيطروا عليها في جبل نفوسة خلال الشهر لماضي، بإلحاق الإضراب بالممتلكات، وأحرقوا بعض المنازل، ونهبوا المستشفيات والمنازل والمتاجر، وضربوا أفرادا بزعم أنهم أيدوا القوات الحكومية”.وأكد الموقع الإلكتروني ”لقناة الجزيرة” التي تدعم المجلس الانتقالي الليبي إعلاميا، أن مسؤولين في الهلال الأحمر الليبي وجهوا لهم نداء استغاثة وإلى كافة المؤسسات والمنظمات الدولية بضرورة التحرك لسد الاحتياجات في المواد الاستهلاكية الطبية والجراحية التي تزايد الطلب عليها، مع تصاعد العنف في مناطق شرق ليبيا، كما أوضح مصدر من أحد أكبر مستشفيات شرقي ليبيا، وهو مركز بنغازي الطبي، واستمعت إلى شكوى المسؤولين من نفاد أصناف من الأدوية. وتوجهت بنداء آخر إلى المجتمع الدولي لتدارك العجز القائم، وأوضح أن الأصناف الهامة المرتفعة الثمن كانت تصل في السابق إلى العاصمة طرابلس ومنها إلى بنغازي. وأضافت أن العديد من الشركاء، كالقطريين والفرنسيين والمصريين والكويتيين، استجابوا للاحتياجات الطارئة مثل المواد الجراحية والمعدات، ولكن أمورا أخرى بقيت بحاجة إلى تدقيق وتمحيص. يشار إلى أن مسؤول ملف الصحة في المجلس الوطني الانتقالي المؤقت، ناجي بركات، أعلن، الأحد، أن احتياجات ليبيا من الأدوية تقدر بقيمة خمسمائة مليون دينار (407.3 ملايين دولار) لمدة ستة أشهر قادمة. ومن شأن هذه الاتهامات أن تشوه صورة الثوار الليبيين الذين حرصوا على تقديم أنفسهم بوصفهم مدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا، التي حكمها القذافي بيد من حديد طيلة 42 عاما.