منذ الأيام الأولى لحلول فصل الصيف، وبلديات ولاية الوادي الثلاثين، تشهد غليانا حقيقيا بسبب أزمة التموين بالطاقة الكهربائية، التي أثرت سلبا على حياة السكان، بعد أن تولّد في نفوسهم إحساس ب”الحڤرة والتمييز” في بلد العزة والكرامة على حد تعبير سكان المنطقة، ممن تحدثوا إلى “الفجر” بمرارة كبيرة، عن واقع يتخبطون فيه يوميا جراء الوضع الكارثي الذي يمرون به ولم تعرفه الولاية منذ سنين أزمة انقطاعات الكهرباء تدخل السلطات في مواجهة ساخنة مع المواطنين الإحساس بالتهميش والحڤرة كان وراء الاحتجاجات اليومية لشباب الولاية، الذين لم يستسيغوا التبريرات الواهية لمصالح “سونلغاز” التي عجزت عن ضمان صيف مريح لسكان المنطقة، بعد سنوات من الوعود الوهمية التي بعثت السلطات الولائية للمواطنين، في أكثر من مناسبة للحد من هذه الظاهرة التي تتكرر كل فصل صيف وتحوّل حياة السكان إلى جحيم حقيقي، فالسكان في مواجهة مباشرة مع الانقطاعات وكذا الحرارة المرتفعة التي تؤثر بشكل بارز على حياة السكان، وتدفع الكثير منهم إلى الخلود للراحة بحثا عن جو مكيف ومريح، غير أنهم يصطدموا في وقت القيلولة بانقطاع الكهرباء، ما يجعل حلمهم في التمتع بقيلولة مريحة أمرا مستحيلا وأشبه بالخيال. وعود سونلغاز وراء تنامي الاحتجاجات سكان الولاية ممن تحدثوا إلى “الفجر”، أكدوا أن أزمة الإنقطاعات في التيار الكهربائي ليست وليدة اليوم، بل تمتد إلى نحو 5 سنوات مضت، إلى زمن كثرت فيه المكيفات الهوائية بأسعارها المنخفضة المتداولة حاليا، والتي مكنت عدة عائلات ذات الدخل المتوسط من اقتناء مكيفات هوائية لتلطيف الجوّ الحار بالمنطقة، ومن حينها بدأ الحديث عن أزمة الانقطاعات في التيار الكهربائي ولو بدرجة قليلة، غير أنه وبعد تحول الولاية إلى قطب زراعي كبير لإنتاج مادة البطاطا واتّساع المساحات الزراعية وزيادة الطلب على الطاقة الكهربائية لسقي المحاصيل وكذا لتبريد الغرف، بدأ الحديث في الأوساط المحلية عن ضعف التيار الكهربائي، هذا قبل نحو 5 سنوات، وبعد سنتين تقريبا طفت على السطح ظاهرة الانقطاعات الفجائية غير المبرمجة، للتيار الكهربائي في الصيف. وهنا خرج الخطاب الإعلامي لمصالح سونلغاز للساحة المحلية، وبررت الموقف “بزيادة الاستهلاك في الطاقة الكهربائية” ونظرا لكون الظاهرة جديدة فقد تحركت جميع السلطات الولائية بمن فيها والي الولاية وكذلك المجلس الشعبي الولائي، وتمّت ممارسة ضغط كبير على مصالح سونلغاز بغرض تدارك هذا المشكل، خاصة وأن يومها سجلت بعض الاحتجاجات المتباعدة وتمّ احتواؤها من قبل السلطات الولائية، بحجة أن مصالح سونلغاز وعدت بتدارك العجز في السنوات الماضية وبرمجة مشاريع جديدة لفك هذه المعضلة. الوعود الوهمية عمقت المشكل ومع مرور الوقت، بدأ المواطن يحس بنوع من التماطل لدى السلطات المختصة المكلفة بإنجاز المشاريع الخاصة بالكهرباء، بحيث لم يلاحظ ميدانيا جدية لدى مصالح سونلغاز لتدارك العجز لاسيما وأن الملاحظة التي نقلها كل المواطنين، ممن تحدثوا ل”الفجر”، أن مصالح سونلغاز تعمد لإنجاز المشاريع إلا في فصل الصيف، وقت أن يبدأ الحديث عن النقص في التيار الكهربائي، غير أن حدّة الانقطاعات في التيار الكهربائي تضاعفت بشكل كبير، بحيث تنامي في الأوساط الشعبية شعور بالغضب، فجّر حفيظة جميع المواطنين بمن فيهم المنتخبون الذين انتفضوا في وجه مسؤولي سونلغاز. وكان الصيف الماضي، مسرحا كبيرا ويوميا للاحتجاجات وصلت حد حرق مقر سونلغاز من قبل بعض الغاضبين بسبب أزمة الانقطاعات في التيار الكهربائي، بعدما لم يجد السكان حلاّ ملموسا من قبل سونلغاز، وحاول الغاضبون من شباب الولاية الصائفة الماضية حرق جميع مقرات سونلغاز في البلديات غير أن عناصر التهدئة التي مارستها السلطات المحلية بمعية بعض أعيان المنطقة حال دون سريان موجة الغضب إلى حدود أكبر، واضطر والي الولاية الصيف الماضي لإصدار أمر توقيف المكيفات الهوائية من مساجد الولاية، وكذا من بعض المؤسسات العمومية لضمان الطاقة الكافية واللازمة للمواطنين والحيلولة دون انقطاع التيار الكهربائي. انفجار شباني في سنة 2011 تفاقم مشكل عدم وجود حلول جذرية لضمان الطاقة الكهربائية، كانت له أثار سلبية على الحياة اليومية للمواطنين بالولاية هذا الصيف، حيث بدأ الغضب الشعبي مبكّرا هذا الموسم بعدما سجّلت السلطات المحلية احتجاجات يومية أواخر شهر ماي الماضي، بدأت بقطع الطريق بعدد من البلديات ومع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على الطاقة، وعجز مصالح سونلغاز عن ضمان هذه الطاقة للمواطن، اضطر الآلاف من شباب الولاية ممن تزعموا “الانتفاضات اليومية” في القرى والمداشر النائية، التي تعيش أزمة حقيقية بعدما عمدت السلطات الولائية إلى قطع التيار الكهربائي عن البلديات خارج بلدية عاصمة الولاية، وهو ما اعتبره شباب البلديات المجاورة لبلدية الوادي تمييزا فاضحا مارسته السلطات الولائية في حقّ سكان القرى النائية والمداشر ودفعهم لانتفاضة كبيرة، بحيث خرج مطلع الشهر الجاري أكثر من 10 آلاف شاب في 14 بلدية منتفضة على الكهرباء. ولأن الانقطاع لم يعد مقتصرا على ساعة فقط مثلما عهده السكان، بحيث أصبح يتجاوز الخمس إلى 8 ساعات فقد كان الغضب الشبّاني كبيرا وصل حدود حرق مقر بلدية البياضة، ومقر دائرة ڤمار، ومقر بلدية ودائرة الرباح وأيضا مؤسسات عمومية تابعة لقطاعات البريد والمواصلات، الصحة، التربية وغيرها ببلديات سيدي عون، الرقيبة، تغزوت وجامعة، وهذا في موجة غضب كادت تقلب المنقطة رأسا على عقب لولا تدخل الأمين العام لولاية الوادي، الذي واجه وبكل شجاعة الموقف وبحزم كبير وتنقل بنفسه في غياب الوالي في عطلته السنوية وفتح حوارا مباشرا في أماكن الاحتجاج مع المواطنين، وتحدث بنبرة الغضب تارة ونبرة المتعاطف مع السكان تارة ثانية فكسب قلوب الكثير من المحتجين عندما قام بتوبيخ المسؤولين عن سونلغاز، الذين حملهم مسؤولية هذا العجز ووعد بتداركه من خلال المحاسبة الشهرية للقائمين على قطاع الطاقة حول هذا الملف، ونقل لهم الرسائل اليومية التي أبرق بها للسلطات المركزية في البلاد حول هذا المشكل. وأشار الأمين العام للولاية إلى أن مشكل الانقطاعات في التيار الكهربائي تمّ تبليغه لأعلى السلطات في البلاد، لكون هذا المشكل ستكون له آثار وخيمة في حال تفاقم في السنوات القادمة. منتخبون يدقون ناقوس الخطر من جانبهم، عبر منتخبو الولاية من الذين التقتهم “الفجر” عن قلقهم الشديد حيال هذا المشكل الكبير الذي يؤرق سكان الولاية كلّ صائفة ويحوّل حياتهم إلى جحيم، حيث قال رئيس المجلس الشعبي الولائي في حديثه ل”الفجر”، إن هذا المشكل يؤرق بال منتخبي الولاية حقيقة وكان حاضرا في جميع جلسات دورات المجلس الشعبي الولائي لهذه السنة، مشيرا أن المجلس الشعبي الولائي راسل المديرية العامة لمجمع سونلغاز حول أزمة الإمداد بالطاقة الكهربائية بولاية الوادي في فصل الصيف ووعدت الشركة باستدراك الوضع. وكان من ثمار الزيارة الميدانية لمديري مجمع سونلغاز شهر مارس الماضي، والذين عاينوا ميدانيا الشبكة الكهربائية وحجم قدرتها في استيعاب الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية ووعدوا - حسبه - بحل جذري للمشكل، لكن في ظرف 5 سنوات وهو الأمر الذي سيترك المنطقة طيلة هذه السنوات في أزمة كبيرة، خاصة وأن السكان فقدوا الثقة في الإدارة بعد المماطلة الكبيرة طيلة السنوات الماضية وكذا لعدم قدرتهم على تحمل صيف بانقطاعات بسبب الحرارة الملتهبة التي تتجاوز حدود 50 درجة مئوية، ناهيك عن تزامنها مع شهر رمضان في السنوات القادمة. من جانبه، كشف النائب في البرلمان “لخضر رزاق” في تصريحه ل”الفجر” أنه يحضر لمساءلة وزير الطاقة حول “أزمة الانقطاعات في التيار الكهربائي”، مضيفا أنه لم ينتظر إلى غاية هذه الأيام ليكون له تدخل بخصوص هذا المشكل الذي يؤرق سكان الولاية، قائلا إنه “منذ سنة 2008 وأنا مداوم على الكتابة والتواصل مع المسؤولين المحليين والمركزيين لشركة سونلغاز، وتنبيههم للمخاطر التي قد تنجم جراء غياب استراتيجية واضحة للقضاء على مشكل انقطاعات التيار الكهربائي وآثاره السلبية على الحياة اليومية للمواطن، كما حذرنا أيضا السلطات المحلية من مظاهر حرق المرافق العمومية منذ 2008!؟”. خسائر فادحة بسبب الانقطاعات وفي الشق الموازي، أثرت الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي على مناحي الحياة الأخرى؛ حيث تكبد تجار الولاية وفلاحوها خسائر فادحة نتيجة هذا الوضع، سيما أصحاب المخابز الذين اضطروا للتوقف لعدة أيام بسبب هذا المشكل وأدخل المنطقة في أزمة خبز حادة دفعت النسوة إلى تحضير الرغيف التقليدي في هذا الفصل الحار. أما الجزارة وأصحاب ملابن الحليب ومشتقاته فاضطروا هم كذلك للتوقف عن هذا النشاط مؤقتا خوفا من خسارة وتلف منتجاتهم بسبب الاضطراب في التزوّد بالطاقة الكهربائية، أما الفلاحون فلم يجدوا حلا لسقي محاصيلهم عدا العودة للطريقة التقليدية في السقي بعدما عجزت مضخاتهم الكهربائية عن الاشتغال بفعل الضعف في الكهرباء الفلاحية واضطرابها. ونقل بعض الفلاحين ل “الفجر”، أن فلاحا من بلدية حاسي خليفة بالجهة الشرقية من الولاية تكبد خسارة قوامها مليار سنتيم بعد تعفن منتوج البطاطا الذي كان يخزّنه في غرف التبريد الكبيرة لفائدة فلاحي هذه الجهة، وكاد يخرج من عقله لولا عطف الفلاحين عليه، والحالات متعددة وكثيرة في البلديات لا يمكن عدها أو حصرها. سونلغاز تؤكد قرب حلّ الأزمة مصالح سونلغاز، وفي ردها على هذا المشكل، أوضحت على لسان المكلف بالاتصال لدى مصالحها، السيد سيف الدين بكيني، الذي أكد ل “الفجر” أن الانقطاعات الكهربائية المسجلة عبر مختلف بلديات الولاية ليس لها علاقة بعجز مصالح سونلغاز بالتكفل بالاحتياجات الطاقوية للمواطنين، مشيرا إلى أن هذه الانقطاعات ناجمة عن نقص الإنتاج على مستوى مولدات الإنتاج بالمنطقة البترولية حاسي مسعود بولاية ورقلة الخاضعة حاليا للصيانة بشكل جزئي. وأوضح ذات المتحدث أن مصالح سونلغاز بالوادي، ليس لها علم بمواعيد انتهاء عملية الصيانة لمولدات الإنتاج بشكل رسمي، مضيفا أن الفرق التقنية المحلية الموجودة على مستوى شبكة التوزيع مستعدة للتدخل من أجل إصلاح جميع الأعطاب في أسرع وقت. أما مسؤولو الشركة محليا فقد رموا بالكرة إلى مرمى السلطات المركزية التي بيدها وحدها حلّ هذا المشكل الذي يبقى مشكلا كبيرا يؤرق سكان الولاية كل صيف. جدير بالذكره أن بعض الجهات الرسمية رصدت نحو 500 احتجاج على الكهرباء هذا الصيف بمختلف أنحاء الولاية، وتتخوف هذه الجهات من أن تؤثر هذه الأزمة شهر أوت القادم على الحياة بالمنطقة نظرا لكون هذا الشهر متزامن مع شهر الصيام الذي تخلد فيه شريحة كبيرة من المواطنين للراحة خاصة العمال الذين يشتغلون في الأعمال اليدوة وورشات البناء التي تتوقف كليا تقريبا في هذا الشهر .