تطرق إيريك يونس جيوفروا، الباحث في الفكر الإسلامي، خلال تنشيطه لمحاضرة بالمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة أمسية أول أمس، إلى صورة التصوف في الثقافة الإسلامية، معتبرا أنه ليس بدعة وإنما علم داخلي في الإسلام ظهر مع ظهور باقي العلوم الإسلامية من أصول الفقه والسنة. وعاد أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة ستراسبورغ إلى الجذور التاريخية للتصوف الذي اعتبره مرادفا إيديولوجيا يرتبط بالإنسان، حيث أرجع ظهوره لأول مرة في ألمانيا سنة 1820، وأن الصوفية حسب أهل الاختصاص لها أكثر من 1000 معنى، وعلى اعتبار أن الصوفية لها علاقة بالروحية، فهي أيضا بداخل الإنسان، كما أنها تقوم على التجريد، الاستدلال والبرهان. وأشار الباحث إلى العلاقة التي تربط الإسلام بالتصوف على اعتبار أن كل ديانة لها مجال خاص ما عدا الإسلام الذي جاء شاملا لكل الديانات، وقال إن من اختار الصوفية فقد اختار طريقه لكنه بحاجة إلى صاحب ينير دربه ويتمثل ذلك في شيخ متصوف عارف بأصول التصوف. وقارن أستاذ اللغة العربية بين التصوف وباقي العلوم، حيث مثله بالعلوم الفيزيائية وعلم البصريات، على اعتبار أن ما نراه ليس حقيقة الأشياء لأن العقل يتدخل باستدلاله في كشف الحقيقة والبحث فيما وراء الأشياء وهذا ما أثبته التاريخ بالفعل. وأضاف أنه من الناحية المنهجية فإن التصوف ينطلق من القرآن والسنة ويبحث في الظاهر والباطن ويعمل على إيجاد التوازن بينها، لأن معرفة الله تنطلق من معرفة الإنسان لنفسه، خاصة وأن الصوفي هو ابن وقته. ونفى جيوفروا أن يعمل التصوف خارج إطار الدين الإسلامي، إذ أن الطريقة الصوفية تهتم بالبحث عن السبل السليمة للعيش من جهة وللتقرب الى الله من جهة أخرى، لذلك لا يمكن القول بأنها باطلة. واستعرض الباحث واقع التصوف في العصر الحديث انطلاقا من القرن ال12 زمن ابن الرومي والشاذلي، أين كان الإسلام يعيش أزمة والثقافة الإسلامية كذلك، و لعب المتصوفون دورا بالغ الأهمية على الصعيد السياسي والاجتماعي، مرورا بالوهابيين في القرن ال19 الذين نادوا بضرورة اتباع الطريقة المحمدية، واستدل بتجارب كل من حسن البنا، محمد إقبال و عبد السلام ياسين من المغرب.