لاتزال بعض الأمهات محافظة على الوصفات الشعبية التي كانت تستعمل في الماضي لعلاج الأمراض، على غرار الحصبة الألمانية، المشاهرة، الحازوقة والسرة وغيرها. وبالرغم من تطور الطب الحديث، إلا أنهن متمسكات بانتهاج سيرة أسلافنا للتخفيف من حدة المرض على اعتقادهن. كانت ربات البيوت في الماضي يعالجن مرضاهن من الأبناء والأقارب، بالاعتماد على بعض الطقوس والممارسات المتوارثة عن الجدات، حيث كانت تستخدمها هذه الأخيرة في معالجة بعض الأمراض والمشاكل المستعصية، اعتقادا منهن أنها كفيلة بالتخفيف من حدة المرض أوالقضاء عليه تماما، خاصة في ظل ندرة الأطباء الذين كانوا يعدون على الأصابع آنذاك، كارتداء الثوب الأحمر لمعالجة “بوحمرون”، وطبخ طبق العدس بلحم البقر لمرضى الحصبة الألمانية، والنقطة الحمراء على جبين الرضيع عند إصابته بالحازوقة، وغيرها من الأمثلة التي لا تعد ولاتحصى. وفي هذا الشأن ارتأت “الفجر” أن تستطلع آراء بعض السيدات من الجيل الجديد والقديم حول هذا الموضوع. طقوس شعبية بدل الوصفات الطبية لم تكن نساء الماضي تتمتعن بامتيازات عصرية كالتي تملكها نساء الحاضر في الحصول على أبسط الحقوق أوحتى الظفر بطبيب، كأضعف الإيمان، لاعتبارات شخصية أولقلة الوسائل المادية، حيث كن يعتمدن على أنفسهن في معالجة بعض الأمراض، وذلك باستعمال بعض الطقوس والعادات الممارسة من طرف اللواتي لديهن خبرة في المجال، والتي في مجملها وصفات شعبية تستعمل فيها وسائل بسيطة للحد من شدة المرض. وفي هذا الإطار قالت خالتي عائشة:”في الماضي لم يكن بإمكاننا الذهاب إلى طبيب، والنساء آنذاك كنّ يعالجن مرضاهن باستخدام بعض الطقوس للتخفيف أوالقضاء عليه تماما، كارتداء الثوب الأحمر للمريض المصاب ببوحمرون، من أجل شفائه بسرعة”. وفي السياق ذاته، قالت خالتي خديجة، ربة بيت، “إن الطقوس التي كنا نمارسها في معالجة بعض الأمراض فعالة ونتائجها مضمونة بحكم التجربة”، مضيفة بأنها بسيطة وغير معقدة ولا تحتاج إلى أموال طائلة. شحم الدجاج، سكين ذبح الخروف والبيض المسلوق لعلاج التهاب اللوزتين كما تستعمل بعض الوسائل التي يعتبرها البعض غريبة وغير مألوفة، كاستخدام شحم الدجاج المذبوح على الفور، وسكين ذبح الخروف، وكذا البيض المسلوق فوق الرقبة للقضاء على التهاب اللوزتين. هو ماجاء على لسان سليمة، موظفة بشركة خاصة، قالت:”استعمال شحم الدجاج مفيد لالتهاب اللوزتين، فشقيقتي استطاعت أن تشفى من المرض بفضل وصفة بسيطة كلفتها بضع ثوان“. .. وأخريات يؤمن ببعضها بعدما عجز الطب عن علاجها ومن نساء الجيل الجديد هناك من لاتزال تؤمن ببعض عادات الجدات والأمهات، خاصة إذا تعلق الأمر بمرض عجز الطب الحديث عن علاجه أوأنه لايحتاج إلى علاج طبي بقدر ما يحتاج إلى وصفات شعبية، وهو ما لمسناه عند السيدة كريمة، موظفة بإحدى الشركات العمومية، طفلها البالغ من العمر 10 أشهر أصبح نحيف الجسم، إضافة إلى أنه فقد الشهية تماما، مشيرة إلى أنها بعد اللف والدوران وزيارة أكثر من طبيب، انتهى بها المطاف إلى استخدام العلاج الشعبي، بعدما اكتشفت أن ابنها مصاب بالمشاهرة، وهو مرض يصيب الرضع المولودين حديثا. وكان للأخصائية الاجتماعية، تيجاني ثريا، رأي في هذا الموضوع، حيث كشفت هذه الأخيرة “أن الطقوس الشعبية أوالعادات الممارسة لمعالجة بعض الأمراض لم تأت من عدم، وإنما جاءت على خلفية التجربة والخبرة لأشخاص استطاعوا أن يشفوا مرضاهم بالاستناد لبعض المعتقدات وكذا بوسائل بسيطة وغير مكلفة” .وأضافت تيجاني:”حتى الاكتشافات الحديثة التي تستعمل في العلاج تستند في غالب الأحيان إلى بعض الوصفات الشعبية بحكم التجربة والخبرة، وكذا نتيجتها التي أثبتت فعاليتها”، مشيرة إلى أن لبعض الوسائل المستعملة في العلاج دور وأثر في علاج المرض، كاللون ونوعية الأكل وغيرها، لذا يجب أن لا ننبذ هذه الطرق وفي الوقت نفسه لايجب أن لا نعتمد عليها اعتمادا كليا في العلاج، لأنها بمثابة إسعافات أولية للمريض قبل اللجوء إلى الطبيب”.