رسالة الرئيس بوتفليقة لأبناء الشهداء في يوم الشهيد ذكر فيها قضيتين أساسيتين هما قضية بناء مؤسسات دستورية للدولة قوية وقضية محاربة الفساد! بقدر ما كانت كلمة الرئيس للشعب بمناسبة استدعاء الهيئة الناخبة محبطة للعزائم كانت رسالة الرئيس إلى أبناء الشهداء في يوم الشهيد باعثة للأمل. نعم البلاد في حاجة إلى بناء مؤسسات دستورية قوية تكرس مبدأ الشعب مصدر السلطة ويمارسها في المؤسسات الدستورية عبر الانتخابات. وغني عن القول إن الطريق إلى تطور البلاد يمر حتما ببسط حق الشعب في اختيار حكامه ومراقبتهم وعزلهم ومحاسبتهم وفق القانون! وتوضع كل مؤسسات الدولة بلا استثناء تحت سلطة الشعب وتحت رقابته تعيينا ومراقبة وعزلا. هذا الطريق هو وحده الموصل إلى محاصرة الفساد المتغول في البلاد والذي تحدث عنه الرئيس في رسالته إلى الشهداء الأحياء وهم أبناء الشهداء! لا يمكن أن نحارب الفساد ونقضي عليه ونطور البلاد تسييرا ورقابة وإنتاجا إلا بتكريس حق الشعب في ممارسة الرقابة عبر مؤسساته الدستورية على كل دواليب الدولة.. بلا استثناء لأي قطاع أو جهاز مهما كانت حساسيته وأهميته في الحياة الوطنية! تكريس سلطة الشعب على رقابة دواليب الدولة هو وحده الكفيل بالقضاء على الفساد المتغول الآن في دواليب الدولة ومؤسساتها المختلفة.. وهو وحده الكفيل بإعادة الاعتبار للكفاءة وعزل الرداءة من مؤسسات الدولة. هل يمكن أن نفهم مما كتبه الرئيس لأبناء الشهداء أن سيادته فهم أخيرا أن منطق التزوير في الانتخابات هو الذي أدى إلى تكوين مؤسسات دستورية صورية لا تمارس حق الشعب في تعيين من يريده في هذه المؤسسات؟! وهو الذي كان وراء ظاهرة اجتياح الرداءة لمؤسسات الدولة على كل المستويات وفي كل المسؤوليات.. وأن التزوير هو الذي وفر التربة الخصبة لانتشار الفساد على نطاق واسع في البلاد! عندما نصل إلى حالة حكم يصبح فيه التزوير جريمة يعاقب عليها القانون ويصبح الفساد جريمة.. والرداءة في تولي المسؤوليات عملا مشينا للمؤسسات والبلد.. عندما يحدث هذا نقول إننا وضعنا الأسس لإصلاح حقيقي يكرس سلطة الشعب على حكامه.. ويكرس سيادة القانون. لا أعتقد أننا يمكن أن ننجز انتخابات حرة ونزيهة يباركها الأجانب ونحن مازلنا نطبق على من يترشح لهذه الانتخابات مبدأ خطر على الأمن العام دون أن يسأل عما فعل أو يسأل من قال له ذلك عما قال؟! الانتخابات النزيهة هي تمكين المواطن من حقه في اختيار من يراه أفضل من غيره في حكم البلاد كفاءة ونزاهة.. وليس أن نمكن المواطن من أن يفاضل بكل حرية بين من تختاره له وزارة الداخلية من رداءات الأحزاب الملوثة بكل أنواع الفساد السياسي وغير السياسي السائد في البلاد الآن.. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل؟!