يستغرب بعض الناس إقدام إسرائيل على طلب تعويضات لليهود الذين هاجروا من البلدان العربية إلى إسرائيل خلال منتصف القرن الماضي.. ووجه الاستغراب هو أن اليهود رحلوا ولم يرحّلوا قسرا إلى إسرائيل! والطريف في الأمر هو أن إسرائيل تريد من الجزائر تعويضا لليهود الهاربين من الجزائر وجحيم الثورة مع الكولون في الخمسينيات ليس من فرنسا التي غررت بهم بل من الجزائريين الذين أعلنوا اليهود في الخمسينيات أنهم جزء من الكولون ولا علاقة لهم بالجزائر؟! وبالتالي كان من الواجب أن تطالب الجزائر بتعويض استعمار اليهود الكولون للجزائر وليس العكس! لكن يظهر أن أبناء فرنسا ما يزالون على رأس الكانون الجزائري كما يقول المجاهد محمد الصالح يحياوي.. ولذلك سكتت الجزائر عن حكاية تعويض الاستعمار حتى صار الاستعمار عملا إيجابيا.. والثورة ضده تتطلب التعويض للمعمرين والاستعماريين وليس العكس! إسرائيل انتبهت إلى هذه الفكرة.. فكرة التعويض.. لأنها تأكدت أن العرب عندهم الأموال في البنوك الأجنبية متلتلة.. وبحركة بسيطة يمكن الحجز عليها ومصادرتها.. ولذلك قالت إسرائيل إن ليهودها المهاجرين ما لا يقل عن 300 مليار دولار ستطالب بتحصيلها من العرب كتعويض عن ممتلكات اليهود! المضحك فعلا أن إسرائيل قالت إنها ستطلب من السعودية تعويضات عن "الجرائم" التي قام بها الصحابة والرسول (ص) ضد يهود بني قريضة وبني قينقاع وبني النظير منذ 14 قرنا! ولا نستبعد أن يطور اليهود مطالبهم هذه إلى المطالبة بالتعويض عن "استعمار" المسلمين للقدس منذ 14 قرنا.. والمطالبة بتعويض عن تخريب المسلمين لهيكل سليمان وبناء الأقصى على أنقاضه! فالسعودية عندها الأموال الكافية وحكمها هش إلى حد أنه يمكن لإسرائيل أن تقوم بإجراءات قانونية دولية بسيطة لتحجز على الأموال السعودية في البنوك الأمريكية وتأخذ ما تشاء! ومنذ أن تحول خادم الحرمين إلى خادم "الحبرين" بوش وبيغن في نهاية القرن الماضي في كامل المنطقة العربية وليس الجزيرة العربية وحدها تغيرت الأوضاع وأصبح المال العربي لله في أيدي اليهود والأمريكان! ألم تقم أمريكا بتمويل الحرب ضد العراق بالمال العربي الخليجي في الحرب الخليجية الثانية والثالثة وحتى الأولى؟! الآن لا توجد حروب يمكن أن تبرر أخذ المال الخليجي العربي بذريعتها.. فلا بد من البحث عن ذريعة أخرى.. فجاءت حكاية المطالبة بالتعويض! وما يعتبر الآن شبه نكتة سياسية سيتحول إلى حقيقة في المستقبل القريب.. فالكنيست الإسرائيلي الذي يجتمع ويقرر التعويض ليس كبرلمان الجزائر أو السعودية كلامه مضحكة سياسية! ولا نستبعد أن تقوم القمة العربية القادمة في بغداد المدمر عربيا بمناقشة موضوع تعويض إسرائيل بما تطالب به! إنه عصر الهوان والطحين وليس الربيع العربي؟!