ماذا لو أُخْضِعت الحكومات لنفْس أدوات التقْيِّيم التي يخْضع إليها مبْدئيّا كلّ مسْؤول في إدارة محْترمة، ترْجو تطْوير فعاليّاتها وتحْديث أساليبها. هذا السؤال يبدو غريبا عند أوّل نظْرة سطحيّة، فالمنْطق الذي يحْكم الأفْراد يخْتلف في ذهْن البعض عن المنْطق الذي يحْكم الحكومات. أوْحى إليّ بهذا السُؤال سبْرٌ للآراء قامت به جريدة وطنيّة مُؤخّرًا، إسْتشفَّت من خلاله نظْرة عِيِّنة من المواطنين، وتقْيِّيمهم لأمور على رأسها أداء الحكومة، ومدى رِضاهم عن أعْمالها. لُوحِظ أنّ الأسْئلة المطْروحة على العيِّنة تأْخذ طابع العموم؛ وإنْكان لا غرابة في ذلك لطبيعة عمليّة السَّبْر في ذاتها حدِّ ،فإن العارِف بتشْكِيلة المُجْتمع يدْرك مدى نِسْبِيّة صِحّة التَّعْبير عن مثْل تلك الأسْئلة العامّة. انطلاقا من ذلك، ماذا كانت ستكون إجابات الجزائريين لو طُرِحت أسْئلة من صنْف: قُدْرة وضْع الخُطط والإسْتراتيجيّات وتحْديدا لأهْداف وتجْنيد الوسائل، وتحْفيز شعبي لمُسايَرتِها. سَلاسَة دخُولها في حوار اجتماعي مع الشّركاء والمواطنين، ومدى اعتمادها على وسائل حديثة في الاتصال بالجمهور لِسبْر آرائه وتَحْفيزه. سُرْعة استيعابها للأحْداث، وتَرصُّدِها للمشاكل، ومباشرتها للحُلول المبْتدعة والمُلائِمة. مدى قيّامها بالأعْمال وفْقا للمعايِّير والأساليب التي تضْمن تنْميّة مُسْتدامة، وعدم هدْر للثّروات الغيْر مُتجدِّدة. قُدْرتُها على الاستغلال العقْلاني للفضاءات الزمانيّة والمكانيّة واحترام الآجال. كمِّيَّة العمل النّاتج عنْها، وأثَرُه، مُقارنة بالوسائل المُسْتهْلكة في سبيل تحْقيقه، ومدى شفافيّة الإنْفاق بِشأنه. قُدْرتها، ومدى حسْن نيّتها في وضْع بيْن يَديْ الجمهور في عُمومِه معْلومات عن إحْصائيّات ماليّة واجتماعية غيْر مغْلُوطة. مدى إنْسِجام العمل الحكومي بيْن بعْضه البعْض، من جهة، وبينه وبيْن الأهداف المُتَعَهَدّ بها من قِبَلِه، من جهة أخرى. تلْكم هي بضْع ممّا يُمْكن أنْ يدُلّ على مدى نجاعة العمل الحكومي، والتي لا شك تُوضِّح الفكْرة في ذهْن المُواطن، مّا يسمح لهبِردّ واضح لدى اختياره ضمْن عيِّنة سبْر الآراء. [email protected]