تتناقض ردود الفعل الدولية تجاه الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا منذ الجمعة الماضية في غزة مع مواقف الغرب مما يحدث في سوريا، ففي حين تجندت كل الدول الغربية وبذلت مجهودات على مستوى مجلس الأمن لوقف جرائم النظام السوري وعقد مؤتمرات الأصدقاء لتسليح المعارضة لمواجهة النظام، تطالب هذه الدول بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية رغم الحروب الدموية التي تديرها تل أبيب في كل مرة ضد شعب أعزل وطفولة برئة، وفي حين نلاحظ تسخير دول الخليج لكل إمكاناتها المالية والإعلامية لتسليح المعارضة السورية نجد هذه الدول صامتة مغيبة لما يحدث في غزة. هذه المواقف المتناقضة للغرب ودول الخليج تجاه ما يحدث في سوريا وفلسطين، إنما تكشف عن حقيقة واحدة هي أن هبة الغرب لتخليص الشعوب العربية من جبروت الدكتاتوريات ما هي إلا غطاء لأجندات ومخططات غربية، يحاول الغرب تنفيذها بدعم من دول الخليج. وإلا كيف نفسر الصمت الخليجي تجاه مجازر إسرائيل في غزة والإدانة الأمريكية ليس لإسرائيل وإنما ل”صواريخ إرهابيين فلسطينيين” لم تصب أي إسرائيلي. هذا ليس تقليلا من مجازر النظام السوري في حق شعبه الثائر، فالشعب السوري يعاني من بطش نظامه ويستحق كل الدعم، ولكن الدعم الذي يتلقاه حاليا في صورة دعم ما هو إلا سلاح لإشعال حرب أهلية، يسيل فيها مزيد من الدم السوري ليس للتخلص من النظام وإنما تنفيذا لأجندات أجنبية إسرائيلية بأياد خليجية. وفي المقابل ورغم أن الفلسطينيين في غزة عزل ومحاصرون بلا ماء ولا كهرباء ويعيشون على المساعدات إن وجدت طريقها إليهم، ويواجهون غارات إسرائيلية بأحدث الأسلحة يسقط فيها قوافل من الشهداء أغلبهم من الاطفال، إلا أن الغرب لا يفوت فرصة إلا وطالب فيها بنزع سلاح المقاومة الذي لا مجال لمقارنته مع نظيره الإسرائيلي. وهذا ما أكدته الإدارة الأمريكية على لسان كتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية، عندما أعربت عن قلق حكومتها الشديد إزاء العنف في قطاع غزة، وأدانت بشدة قيام ”إرهابيين” بإطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل. وهو نفس الموقف الخليجي التابع للأجندة الأمريكية، حيث تفانت هذه الدول في الدعم الإعلامي والمالي لتسليح السوريين ضد بعضهم البعض، وتدويل الأزمة السورية، وعقد المؤتمرات والجولات، في حين التزمت الصمت المقصود تجاه المجازر الإسرائيلية في غزة، فلم تدع مجلس الأمن للاجتماع ولم تعقد ”مؤتمرا لأصدقاء الفلسطينيين” ولم تدع لتسليحهم للدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال. وتأتي هذه المواقف كلها رغم توعد وتهديد إسرائيلي بتصعيد الهجمات واعتزامها شن المزيد من الضربات في غزة، ورفض تل أبيب لأي وقف لإطلاق النار، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، إن جولة التصعيد الحالية في قطاع غزة قد تطول، فيما توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتوجيه ضربات أشد من التي تعرضت لها الفصائل الفلسطينية خلال اليومين الماضيين، وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي أنه لن يتم الحديث عن وقف إطلاق نار طالما إطلاق الصواريخ من القطاع مستمر. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن باراك قوله خلال مداولات أمنية مساء الأحد، شارك فيها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانتس ومسؤولون في أجهزة الاستخبارات، إن ”الجولة الحالية قد تطول والأمر يتطلب الصبر”. ومن جانبه، قال نتنياهو خلال جولة في جنوب إسرائيل اجتمع خلالها مع رؤساء بلديات، إن ”لدي سياسة واضحة تجاه كل من يخطط لمهاجمتنا ومن يعتزم مهاجمتنا أو من يهاجمنا، والجيش الإسرائيلي ينزل ضربات شديدة جداً على المنظمات الإرهابية”. وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي العميد يوءاف مردخاي، أن إسرائيل لن تبحث في وقف إطلاق النار ”طالما إطلاق الصواريخ مستمر”.