منذ الجمعة الماضي وإسرائيل تقتل في غزة وتعتقل في الضفة الغربية ولا أحد يدعو مجلس الأمن للنظر في هذه الجرائم التي سقط فيها العشرات بين قتيل وجريح، بل إن التصريحات النارية لحكام الخليج بقيت موجهة حصرا إلى روسيا التي تمنع، حسب ادعاءاتهم، إجبار النظام السوري على وقف عمليات القتل بحق الشعب السوري. أطفال غزة لا أحد يقول بحقهم في الدفاع عن أنفسهم، ولا أحد يقول بأنه من واجب المجتمع الدولي حمايتهم، فالأولوية الآن هي لتسليح المتمردين في سوريا وتمكينهم من إرهاق الجيش السوري تمهيدا للإجهاز على الدولة، أما غزة فهي جزء من التسوية التي يجري فرضها من خلال الثورات المزعومة بعد أن فشلت إسرائيل، ومن ورائها أمريكا في فرضها بالحرب مرتين الأولى سنة 2006 والثانية سنة 2008، ولأن الخطة الجاري تنفيذها في سوريا هي من وحي أمريكا وإسرائيل فإن قصف غزة وإبادة أهلها جزء من هذه الخطة. لقد وقفت السعودية والأنظمة العربية العميلة لأمريكا إلى جانب إسرائيل في حرب 2006 وطالبت إسرائيل بعدم إنهاء قصف لبنان إلا بعد القضاء نهائيا على حزب الله، وقد وصف هؤلاء حمل السلاح في وجه إسرائيل في جنوب لبنان أو في قطاع غزة بأنه مغامرة، غير أنهم اليوم يعتبرون حمل السلاح من قبل مجموعة من المتمردين ضد الجيش السوري، رغم الخلل الواضح في موازين القوى، عملا بطوليا وثورة مجيدة من أجل الحرية. إن ما يصنع الفرق في مواقف هذه الأنظمة هو الإرادة الأمريكية، فهم ضد السلاح عندما يرفع في وجه أمريكا وإسرائيل، وهم مع السلاح عندما يكون في خدمة أمريكا وإسرائيل، فلا يمكن أن ننتظر تحركا من الجامعة العربية، ولا من شيوخ النفط لنجدة غزة بالطعام والوقود، أما الحديث عن دعمهم بالسلاح فهو من الكبائر التي لا يجوز الوقوع فيها، بل إن إخضاع قطاع غزة هو جزء من الثورات التي يُموّلها شيوخ النفط بمباركة من أمريكا.