كيف لنا أن نفهم ذلك الصمت الرهيب الذي يلف أحداث منطقة الساحل الإفريقي، وذلك التموقع الجديد والسريع الذي اختارته حركة الطوارق الانفصالية "الأزواد"، وما معنى أن يبقى الغموض طاغيا على الأحداث هكذا في الداخل والخارج..؟ ومن الذي سيجيبنا عن تلك العلاقة غير المتجانسة بين محررين يدّعون أنهم وطنيون وهم "انفصاليون" وبين شموليين يدعون الإسلاموية، وهم "إرهابيون"..؟ كيف لنا إذن أن نضبط علاقة بين متناقضين وهي أصلا غير منضبطة إلا إذا أردنا أن نضعها في قوالب التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة والخطف والقتل وغير ذلك من أساليبهم المعروفة، والتي سيطرح استمرارها ذلك السؤال الكبير الذي فرزته الأحداث ذاتها، وهو من المستفيد من تقسيم دولة مالي، ومن أخرج من دول المصالح والتخريب ذاك السيناريو المتناهي الدقة من حيث الظرفية والفجائية..؟ فرغم أننا إفريقيون ونرأس مجموعة النيباد، ونعيش في قلب الساحل نؤثر ونتأثر، إلا أننا وقعنا تحت صدمة المفاجأة، وكأن ثقافتنا الإفريقية وانتماءنا إليها، لم يؤهلانا لمعرفة تلك الخلفيات التي تحكم الوقائع المجتمعية الإفريقية وانعكاساتها، ثم أين منا الدراسات الاستشرافية للمختصين في السياسة الجزائرية والتوقعات المستقبلية في سياساتنا الإفريقية.. ألأننا بعيدون عن مالي بحوالي 2000 كلم، أم لأننا منشغلون بحملة الانتخابات في الجزائر، عفوا حملة التغيير..؟ لكن ذلك لم يبعد الفرنسيين عن الأحداث.. عذرا، فعدد الفرنسيين الذين يعيشون ويتوافدون على مالي أكثر منا بألف مرة رغم أنهم يبعدون عن مالي بما يقرب من 4000 كلم، مع العلم أنهم لا يملكون حدودا معها.. هل لأن مصالح فرنسا الأم غير الشرعية لمالي ذات يوم هي من يحدد ذلك، أم أن مصالح الفرنسيين هناك هي التي تحدد ذلك.. ونحن، ما هي مصالحنا، وكيف تحدد وأين موقعها من الإعراب..؟ ثم أين البعد الإفريقي الذي نتحدث عنه ونؤسس له اتحادا إفريقيا ومجموعة للنيباد ومواثيق و.. و.. وأين الحوار المالي الطوارقي الذي أشرفت عليه الجزائر لسنوات طويلة.. وأين هي استيراتيجية طوارق الجنوب التي أصبحت تفرض نفسها اليوم مع انفصال طوارق مالي..؟ فهل نحن اليوم أمام كردستان جديدة في إفريقيا، أم نحن أمام صحراء القذافي الكبرى التي كان من نتاجها ما حصل في مالي اليوم..؟ ثم أين تناول الصحافة الوطنية لهذه القضية ولمؤثراتها ونتائجها المستقبلية؟ بل أكثر من ذلك، أين مكان هذا الواقع الإفريقي المتأرجح من مهاترات الأحزاب الجزائرية التي تريد أن تقودنا وتحكمنا ذات يوم.. ولا تستطيع حتى أن يكون لها في السياسة الخارجية..؟ وصلني الأسبوع الفائت من باريس بيان خطير لما يسمى "الحركة الأمازيغية الدولية"، الذي كان يساند وبشدة استقلال الأزواد، مقتديا في ذلك بما حدث في جنوب السودان ومونتينيغرو، وغيرها من الحركات الإنفصالية الأخرى، وما اتضح في البيان بصورة خاصة هو الاحتقار الكبير لدول الساحل، والتهديد المنطلق لأنظمة دول الجوار المسيطرة على الطوارق، بل لقد ذهب لأكثر من ذلك بتهديده الدول الغربية التي تتخذ خطوات ضد الأزواد، ويقدم البيان مساندته القوية للأزواد وإلى أبعد الحدود، وهذه بعض المقتطفات التي يهنئ فيها البيان قيام دولة الأزواد: “Le Congrès Mondial Amazigh salue cette victoire historique du MNLA et la liberté retrouvée des populations de l'Azawad dans leur patrie. Voilà un demi siècle depuis que les Touaregs du Mali tentent vainement de vivre sous l'autorité d'un Etat malien qui les a ignorés et qui n'a pu assurer aucune de ses fonctions dans les territoires de l'Azawad. En conséquence, le choix de la souveraineté du peuple Tamacheq-Amazigh sur ses terres ancestrales est d'une légitimité incontestable. Comment accepter de subir un Etat malien qui ne traite pas les Touaregs comme des citoyens maliens à part entière ? » وهنا أريد أن أسأل هذا المؤتمر الدولي للأمازيغية عن مستقى هذه الفرحة وهذا التهليل غير المألوف لقضايا المنطقة، وعن الرابط الذي يجمع بين الأمازيغ والطوارق، وهل يؤدي ذلك إلى اعتقاد صريح بأن انفصال الأزواد عن مالي يمكنه أن يؤسس لدولة أمازيغية طوارقية..؟ في علمي أن الأمازيغ في أغلب المناطق المغاربية يتمتعون بحقوقهم وثقافتهم ولغتهم وأكثر من ذلك هم في الحكم وقد كانوا دائما، ومعلوماتي تقول أيضا بأنهم يريدون البقاء ضمن بلدانهم ولا يؤمنون بفكرة الانفصال عن دولهم، وبعلمي أيضا أن غالبية الأمازيغ وغالبية الطوارق لا يريدونه، فكيف يمكننا فهم هذا التهليل إذن، أم أنكم ستجبرون الناس على الانخراط في ذلك بالقوة والعنف، وللتأكيد أكثر على الروح الانفصالية لهذا المؤتمر؟.. إليكم ما جاء في خاتمة البيان: “Le CMA assure l'Etat indépendant de l'Azawad de son total soutien et exprime son entière disponibilité à aider son futur gouvernement par tous les moyens possibles tant qu'il adoptera la démocratie, la laïcité, le respect des droits humains et des libertés fondamentales.» Paris, le 26/03/2962 – 7/04/2012 Le Bureau et le Conseil Fédéral du CMA