الإنجاز الذي حققته المرأة الجزائرية في هذه التشريعيات باحتلالها أكثر من ثلث مقاعد البرلمان، هو ما جعل هيلاري كلينتون تعترف بنتيجة هذه الانتخابات وبشفافيتها ونزاهتها. لكن، في الجزائر بدأت الألسن تلوك كلاما مشينا ومشككا في قدرات الجزائرية على المهمة السياسية التي أوكلت لها في البرلمان الجديد، وبدأ التشكيك في قدرتها، وراح من يقول إنه يجب انتظار أدائها في البرلمان لنعترف لها بأنها أهلا لأن تحتل هذه المكانة. لكن، لماذا نرتقب أداء المرأة ونراهن على أنها ستفشل في العمل النيابي، ونتوقع منها ما هو أسوأ، ولا نتحدث عن حصيلة الرجال الهزيلة في المجالس، كل المجالس منذ الاستقلال، أليس الرجال هم من خيبوا آمال المواطن وهم من رهنوا مستقبله السياسي وحاضره وماضيه، ولماذا لا نحاسب الرجال ومن عاثوا فسادا في الحكم، ونتحدث فقط عن المرأة ونطالبها بأن يكون أداؤها عاليا. نعم، لابد من أن يكون أداء المرأة في البرلمان عاليا وفي مستوى طموح المواطنين، لأن هذا هو المنتظر من منصب النائب، لكن نفس الرهان أيضا مضروب على النائب الرجل، ولو أننا حاسبنا كل من في البرلمان وفي غير البرلمان من مجالس محلية وحكومة ومهام عليا، لكنا أجبرنا الجميع على الأداء الجيد، ولكان السباق اليوم على البرلمان بين من يخدم أكثر المواطن وليس بين من يلهث وراء راتب وتقاعد مريحين لا غير. الأكيد أن النساء في البرلمان سينجحن، على الأقل نسبة كبيرة منهن، في طرح المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع، بحكم أن المرأة هي الأقرب إلى اهتمامات الأسرة من الرجل. فالمرأة هي التي تتضرر أكثر من المشاكل الصحية لدى الأطفال، وهي من تعرف بدقة مشاكل المنظومة التربوية، لأنها هي من يهتم بتمدرس الأطفال أكثر من الرجل، وهي من يتضرر أكثر عندما يطرح مشكل البطالة، لأنها هي الضحية الأولى لهذه الآفة التي تقاسيها عندما يكون السباق بين رجل وامرأة على منصب عمل. ولذلك أتوقع للمرأة أن تطرح على طاولة نقاش البرلمان قضايا حقيقية وتحاول إيجاد حلول حقيقية أيضا لها، لا أن تحصر اهتمامها في مشاكل جانبية مثل حظر استيراد "الشيفون" ومن يطلق اللحية، ومن تغطي وجهها، ومن يرفع الآذان في البرلمان، ومن يبيع ويشتري، ومن يغتصب ويجرم بحصانة. الأكيد أن النساء البرلمانيات مهما كانت مستوياتهن الدراسية سيكن أكثر جرأة وأكثر حضورا من الرجال في جلسات البرلمان، والرهان يكون على الجميع وليس فقط على المرأة.