شكّل مستقبل المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي المحل، محور جدل كبير لدى الأوساط الإعلامية الليبية؛ إلا أن تأكد فعلا أن عبد الجليل قرر مغادرة السلطة بشكل نهائي والتقاعد عن المشاركة في الحياة السياسية الليبية، وذلك بعد أن قام بتسليم السلطة رسميا إلى المؤتمر الوطني الليبي العام ليتولى قيادة المرحلة القادمة في ليبيا. جاء تسليم المجلس الانتقالي الليبي للسلطة إلى المؤتمر الوطني العالم ”البرلمان” في حفل كبير احتضنته العاصمة الليبية طرابلس بعد عدة أسابيع ظلت خلالها نتائج الانتخابات تراوح مكانها طارحة معها العديد من الأسئلة حول أسباب تراجع التيارات الإسلامية في وقت شهدت فيه معظم دول ”الربيع العربي” صعودا كبيرا للتيارات الإسلامية خصوصا لتيار الإخوان الذي مني بنكسة سياسية في ليبيا باحتلاله المرتبة الثانية، بينما حصد الليبراليون معظم مقاعد الأحزاب في المؤتمر الوطني العام الذي يتشكل من 200 عضو أوكلت له مهمة إدارة البلاد للمرحلة القادمة إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية الليبية. وتأكيدا لما انفردت ”الفجر” بنشره منذ نحو أسبوع فقد قدم مصطفى عبد الجليل طلبا إلى مجلس القضاء الأعلى لإحالته إلى التقاعد الاختياري، بعد أن قام بتسليم مقاليد السلطة إلى المؤتمر الوطني الليبي الذي من المقرر أن يستأنف مهامه رسميا في قيادة البلاد ابتداء من اليوم، ونقلت ”الفجر” في وقت سابق على لسان سليمان فورتييا عضو المجلس الانتقالي الليبي عن مدينة مصراته تأكيده مغادرة المستشار عبد الجليل للعمل السياسي في ليبيا وأنه لا يعتزم أن يكون له أي تواجد في المجال السياسي في ليبيا بعد تسلم المؤتمر الوطني لمقاليد السلطة، وذلك على عكس ما أوردته العديد من وسائل الإعلام التي تحدثت عن دور سياسي لمصطفى عبد الجليل في المرحلة القادمة، وأن عبد الجليل ينوي تشكيل مجلس رئاسي بعد تسليم مهام الانتقالي إلى المؤتمر الوطني، وهو ما نفاه عبد الجليل، أمس، لافتا إلى أن ذلك مخالف للإعلان الدستوري وإرادة الشعب وأنه لا يوافق عليه مفضلا التقاعد الاختياري على العمل السياسي. وتأتي مغادرة مصطفى عبد الجليل الرئيس المؤقت لليبيا منذ اندلاع ثورة 17 فبراير الليبية كما ظل يوصف بعد أن تولى رئاسة المجلس الوطني الانتقالي باعتباره أول مسؤول ليبي ينشق عن نظام القذافي، لتفتح المجال لعودة الليبراليين في ليبيا الذين يقود مسيرتهم في ليبيا محمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية الفائز في نظام القوائم ب39 مقعدا. وعرفت فترة حكم عبد الجليل العديد من العثرات الخطيرة والتحديات التي نجح في تجاوزها عبد الجليل ومن أبرز الملفات السياسية التي فشل عبد الجليل في إدارتها خلال المرحلة الانتقالية ملف الاغتيالات السياسية، من اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، الذي لم يتم الفصل فيه إلى غاية الآن وملف الجرحى وضحايا الثورة الليبية وانتشار السلاح، كما أن مصطفى عبد الجليل لم يقدم إجابة واضحة إلى المجتمع الدولي حول الأسباب الحقيقية وراء مقتل معمر القذافي، بينما ينظر مؤيدو عبد الجليل إليها أنها فترة تاريخية يستحق الرجل عليها كل التقدير خصوصا وأنه ضمن لليبيا نجاح تحقيق الانتقالي الديمقراطي وتجاوز شبح التقسيم عبر محاربة دعاة الفيدرالية للتأكيد على وحدة ليبيا-كما يقول عبد الجليل- أن انتخاب المؤتمر الوطني العام هو أكبر دليل على وحدة ليبيا.