التقهقر الفضيع الذي تشهده الدراما الجزائرية لا يضاهيه إلا تقهقرنا في الرياضات المختلفة ولا يعادله ولا يقابله إلا سقوط كثير من القيم والعادات الجميلة في المجتمع الجزائري... ما قدمته وتقدمه القنوات والفضائيات الجزائرية الخاصة والعمومية من سكيتشات ومضحكات مبكيات خلال هذا الشهر الكريم تنبئ جميعها بمدى الهزال الفكري و القصور الإبداعي الذي وصلنا إليه وتشي بشيء واحد وهو أننا لم نستطع محاكاة أنفسنا والاستفادة من ماضينا الفني الجميل والعريق، حيث كنا بالفعل رائعين وجيدين وأصبحنا غير ذلك ...كان من المفروض مثلا أن تتطور الكاميرا الخفية عندنا من روائع وبدائع الحاج رحيم إلى ما هو أحسن وأذكى باعتبار الحاج رحيم أمد الله في عمره يدخل في تراثنا الفني وزادنا المعرفي ... لكن مع الأسف، فإن ما بث وشاهدناه لا يرقى إلى ما تبثه قنوات جيبوتي وإيريتيريا وجزر القمر مع احترامي الكبير لهذه الدول الشقيقة. مقالب سخيفة وأحيانا كثيرة مهينة لضحاياها لكنها لا تضحك ولا تفتح الشهية للتفرج والمشاهدة ولا تشوقك لمعرفة آخر مهازلها .. وبالمناسبة فقد تسنى لي مشاهدة ما يبثه الإخوة المغاربة في حصة الكاميرا الخفية بإمكانيات متواضعة لكن بفكرة جميلة ومقالب ذكية مضحكة لكنها غير محرجة لضحاياها وهنا أدركت أننا في الجزائر نملك الإمكانيات المادية الكبيرة ولا نملك العقل الذي يسيرها ولدينا قدرات فنية واعدة لكن تحتاج إلى من يوجهها ويرشدها.. أما الحديث عن المسلسلات فإنه فعلا ذو شجون .. حدث ولا حرج واشتم ولا جناح عليك إنه قمة التتفيه والتسذيج للمشاهد الجزائري... سيناريوهات فارغة وحوارات سخيفة مبتذلة وحبكة منعدمة وتداخل في الصلاحيات فالحاج لخضر مثلا هو المنتج والسيناريست والممثل الرئيسي وإذا استمر الأمر على ما هو عليه فإنه سيصبح أيضا المتفرج الوحيد لترهاته ... تاريخ الجزائر الفني حافل وزاخر بالأمجاد ومن العجز ألا نكون امتدادا له باتخاذه قاعدة انطلاق لأعمال راقية بعيدة عن البريكولاج والارتجال والإسفاف والتهريج الذي لا يضحك حتى أصحابه.. إذا استمرت الأمور على هذا المنوال وعلى مثل هذا النسق، فإننا سنقدم المبررات الكافية الوافية للذين يفضلون مشاهدة المسلسلات والأعمال المستوردة والحصص الترفيهية التي تنتجها البلدان الصديقة والشقيقة ونقدم الأعذار جاهزة لمن فضل هجرة قنواتنا المختلفة .. فهلا اعتبرنا ؟؟