منح وزير المجاهدين، محمد الشريف عباس، الضوء الأخضر لطاقم عمل الفيلم الثوري الموسوم ب”كريم بلقاسم”، الذين باشروا تصوير أولى مشاهد العمل، عشية أول أمس، بحديقة التسلية ببن عكنون بالعاصمة، بحضور ثلة من الممثلين الذين سيؤدون أدوار عدد من الشخصيات التي كانت بارزة في حياة كريم بلقاسم. هذا العمل الذي تنتجه وزارة المجاهدين، من خلال ”المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954”، وكتب أحداثه الرائد عز الدين، بوخالفة أمازيت وأحمد راشدي، تنطلق شرارته الأولى من خلال مؤتمر الصومام بلقاء قادة الثورة الجزائرية في هذا المؤتمر التأسيسي للدولة الجزائرية المستقلة. من خلال هذه المحطة ينتقل طاقم عمل الفيلم ليحاكوا أهم المراحل التي مرّت بحياة الرجل، فمن خلال نافذة الحافلة التي تقله إلى قريته بسفوح القبائل العليا، يتأمل بلقاسم أبناء بلده ليجدهم منهكين ومتعبين من أوضاعهم، يعيشون حرمانا لا حدود له، وقد كان والد كريم بلقاسم، الحاج الحسين، رجلا يحظى بالكثير من الاعتبار، فقد تقلد منصب ”ناطور” أو ”حارس الحقل”. ولو بشكل مؤقت، وقد سمح له هذا المنصب من الاستفادة من بعض الامتيازات، كما وفر له الارتياح الاقتصادي والاجتماعي الذي كان يحسد عليه من قبل أبناء جلدته، لكن والد كريم كان يجهل تماما بأن التجنيد في الجيش الفرنسي قد غير ابنه تغييرا جذريا، إلى درجة جعلت الابن يخجل من وضع أبيه، ويرى بأن سلوكه مهين، ما جعل النزاع بين الرجلين يطفو على الملأ في كثير من الأحيان. بالمقابل، عندما يخبر صاحب المطعم الشعبي كريم بلقاسم بأنه تمّ قبول انخراطه في صفوف حزب الشعب الجزائري، فإن تاريخ حياته سوف يتماهى، منذ تلك اللحظة، مع تاريخ القضية الوطنية، في أقل من شهر، تمكن كريم بلقاسم من تجنيد العشرات من قرى المنطقة وكسب حوالي 1900 مناصر لحزب الشعب، ما جعل قيادة الحزب تعينه مسؤولا عن كامل المنطقة، في خضم تلك التطورات، قامت مفرزة من الدرك باقتحام القرية بغرض إلقاء القبض على كريم بلقاسم ورفاقه، لكنهم لم يفلحوا. وتتوالى أطوار الفيلم إلى غاية تاريخ 21 مارس 1947، حين يتخذ كريم بلقاسم وهو ابن ال25 عاما، أهم قرار في حياته بحمل رشاش من نوع ”ستين” والدخول في مرحلة السرية مع ستة من رفاقه، لتصبح عائلة كريم مستهدفة من قبل السلطات الاستعمارية، ما أرغم بعض إخوته على مغادرة القرية، في حين أصبح والده الذي كان يتمتع منذ عهد قريب بالاحترام، أصبح منبوذا يتجنبه الناس كأن به وباء. هذا وتتواصل أحداث الفيلم لتمتد إلى غاية مشاركته في اتفاقية إيفيان، فبعد توقيع الاتفاقية يوم 18 مارس 1962، حين خرج كريم بلقاسم إلى الصحافة الدولية معلنا توقيع الاتفاقية. وقد اعتبر راشدي أن شخصية كريم بلقاسم الثورية هي الشخصية الوحيدة التي ستجعل المشاهد يتابع مختلف المراحل التاريخية للكفاح المسلح ضدّ المستعمر الفرنسي، وهي مرحلة ما قبل الثورة في نوفمبر 1954، وصولا إلى اتفاقيات إيفيان، مروراً بانطلاق الثورة، ومؤتمر الصومام، والحكومة المؤقتة، كما سيكون الفيلم فرصة لاكتشاف تاريخ الجزائر من زوايا أخرى لم تكن متاحة في السابق. هذا وقد عاد دور كريم بلقاسم للممثل سامي علام الذي سبق له وأن قدم ذات الشخصية في الفيلم الموسوم ب”بن بولعيد”، كما حافظ راشدي على نفس طاقم العمل الذي قدم بن بولعيد، وبرر ذلك بكونه حرص على عدد من الوجوه التي قدمت العمل السابق من أجل ترسيخ ذات الشخصيات لدى المشاهد. وحسب البطاقة التقنية للفيلم، فسيؤدي حسان قشاش دور مصطفى بن بولعيد وفرحات عباس، إلى جانب كل من مصطفى لعريبي الذي سيؤدي دور عبان رمضان، في حين تؤدي الفنانة بهية راشدي شخصية والدة كريم بقاسم والفنانة إيمان نوال دور تسعديت الزوجة الأولى لكريم بلقاسم ورزيقة فرحاني دور فضيلة التي تعد الزوجة الثانية له.