الفيلم ليس كتابة للتاريخ تشرعون قريبا في تصوير فيلم عن كريم بلقاسم، كيف وقع الاختيار على هذه الشخصية؟ يأتي فيلم ''كريم بلقاسم''، مباشرة بعد فيلم ''بن بولعيد''، واختيار كريم بلقاسم هو نوعا ما احترام للمسار التاريخي لقادة الثورة. فقصة بن بولعيد تنتهي سنة 1956 مع وفاته، لكن الثورة استمرت، وهناك مراحل ومواقف ومنعرجات في الثورة لم تظهر في ''أسد الأوراس''، وسيكون هذا هدف الفيلم القادم. ما هي أهم المحطات التي سوف تقف عندها في شخصية كريم بلقاسم؟ سأقدّم مختلف مراحل كفاحه في الثورة، من مؤتمر الصومام، الذي يعد مرحلة مهمة في حياته وفي الثورة، إلى الحكومة المؤقتة وانتقاله إلى تونس، والمرحلة الأخيرة اتفاقيات إيفيان، لأن قائد المفاوضات مع فرنسا، وهو الذي وقّع على وثيقة استقلال الجزائر، حيث ينتهي الفيلم عند خروجه بعد التوقيع مباشرة، أين عقد ندوة صحفية بحضور 200 صحفي وصرّح ''المهمة قد تمت''. وأين سيتم تصوير الفيلم؟ سيتم التصوير في جبال تيزي وزو وبجاية، وفي البيت الذي عقد فيه مؤتمر الصومام، وهو من أهم أحداث الفيلم، كما سننتقل للتصوير في تونس لأن كريم بلقاسم عاش هناك. نفهم أن الفيلم ينتهي مباشرة بعد الاستقلال، فأين كريم بلقاسم بعد الاستقلال؟ والله هذا يتطلب فيلم وسيناريو آخر، لأن الفيلم الذي ننجزه يتعلق بالثورة ومسار الشخصيات المؤثرة فيها فقط. فالهدف هو نقل صورة عن شخصية محورية في الثورة ودورها، وكل شخصية في الواقع تستحق 30 فيلما، فأكثر ما أصبو لإبرازه في هذه الأفلام، وخاصة في فيلم ''كريم بلقاسم''، هو كيفية تشبع شباب في مقتبل العمر بالوعي الوطني والسياسي. وفي هذا الإطار من المقرر أن أقدّم ثلاثية ثورية عن ثلاث شخصيات رئيسية في الثورة، هم بن بولعيد، كريم بلقاسم ومجاهدة أخرى. ما هي المصادر التي اعتمدت عليها لتقديم شخصية متعددة الجوانب والأبعاد ككريم بلقاسم؟ يعتبر كريم بلقاسم شخصية معاصرة، فبعض رفقائه ما زالوا على قيد الحياة، جمعنا مجموعة كبيرة من الوثائق وعلى أساسها كتب رابح زراري المعروف ب''الكومندو عز الدين'' وبوخالفة مجيد، سيناريو فيلم متخيل وهو ليس كتابة للتاريخ، لكن اعتمدا على وقائع تاريخية، وحولاها إلى عمل درامي فني، فالتاريخ فضاء كبير للإبداع والتخيل. نلاحظ توجها عاما نحو التركيز على الأفلام الثورية والوطنية لماذا؟ الإشكالية اليوم في الجزائر، هو غياب سوق للأفلام السينمائية، وبالتالي أصبحت الدولة تنفق على الأفلام التي تتعلق بالتاريخ والثورة، وهي تعليمة من رئاسة الجمهورية، وسينجز عدد من الأفلام الثورية. وعكس ما يقال فالجزائر لم تقدم إلا عددا قليلا من الأفلام الثورية، وهناك جوانب من الثورة ما زالت غامضة، فمثلا لأول مرة نقدم فيلم عن شخصية تاريخية محورية ''بن بولعيد''. علينا بعث تاريخنا من جديد، فالاستراتيجية الآن تنطلق من إعادة الاعتبار للشخصيات التاريخية وتمجيد الثورة التحريرية وقادتها ردا على مخطط بعض الجهات في فرنسا التي تسعى لإنجاز عدد كبير من الأفلام حول الثورة التحريرية وتقديم وجهة نظرها. لماذا لا تحظى الثورة وقادتها بأفلام تحدث ضجة محليا، إقليميا وعالميا وتحصد أكبر الجوائز؟ أرى أن القضية لا تتعلق بالقدرات والموارد البشرية لأنها موجودة، لكن في الإمكانيات المادية المسخرة، فالموهبة الفنية الخام متوفرة، لقد انبهرت عندما قمت ب''كاستينغ'' لفيلم ''نوفمبر نقطة النهاية''، واكتشفت أن المسارح الجهوية تملك قدرات خارقة رغم أنها لم تشارك في أعمال سينمائية، لكن عدد الأفلام التي تنجز في الجزائر للأسف لا تسمح بإطلاق جيل من الممثلين، فالمنتج الجزائري أصبح رهين مساعدة الدولة السينما الثورية تفتقد إلى الجانبين الاستعراضي والتجاري، إلى متى ننتج أفلاما لا تعرض إلا في المهرجانات؟ الجانب التجاري مهم جدا، لأنه يعطينا فكرة عن رغبات الجمهور، أنا حضرت 60 عرضا لفيلم مصطفى بن بولعيد، والقاعات كانت ممتلئة. تتحدث هنا عن التوزيع والمشاهد المحلي، لكن القصد هو الأفلام الثورية ذات الصبغة العالمية؟ ممكن جدا، لكن هذا يلزمه الكثير، ومهمة المخرج تنتهي بالفروغ من الفيلم، التوزيع هو اختصاص آخر. ففيلم ''بن بولعيد'' وفق تعليمة من الجهة الوصية وزع مجانا، والمنتج مقيد بهذه التعليمة ولا يمكن أن تذهب إلى صاحب قاعة وتقول له تفضّل اعرض الفيلم مجانا. وقد طلبت جهات عدة منها دولة سوريا شراء فيلم ''بن بولعيد'' وكذا عددا من التلفزيونات العربية، على غرار روتانا التي أرادت أن يعرض حصريا على القناة.. هناك مشروع استحداث مؤسسة تابعة لوزارة الثقافة وهي صناعية تجارية، تهتم بتوزيع الأفلام الجزائرية في الخارج. أنهيتم تصوير فيلم ''أول نوفمبر نقطة النهاية'' ودخلتم عملية التركيب، هل يمكن أن تحدثنا عنه؟ يحكي ''أول نوفمبر نقطة النهاية''، هو فيلم وثائقي خيالي درامي، قصة أول نوفمبر التي لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة مسار سياسي ونضال استمر 125 سنة، ابتداء من المقاومات منذ 1830 فالحركة الوطنية منذ .1912 يستغرق الفيلم ساعة و40 دقيقة، وكتبت السيناريو بمعية عز الدين وبوخالفة مجيد، وشارك فيه حوالي 90 ممثلا، على رأسهم حسان قشاش ومليكة بلباي، بالإضافة إلى مواهب شابة اكتشفناها في المسارح الجهوية، كذلك شاب من مسرح بلعباس يشبه بشكل كبير مصالي الحاج عندما كان صغيرا.