أعلنت وزيرة الثقافة خليدة تومي عن تخصيص 10بالمائة من مداخيل صندوق دعم الإبداع الذي استحدثته مؤخرا على مستوى هيئتها، لدعم أعمال الترجمة الأدبية نظرا لما تكتسيه الترجمة من أهمية، بوصفها أحد معايير النمو الفكري وأساس بناء مستقبل أكثر سلما. وعليه دعت تومي المنظومة التربوية والجامعية إلى وضع استيراتيجية مضبوطة خاصة بالترجمة، حتى لا تبقى هذه الأخيرة رهينة الاهتمامات الفردية والظرفية بالنظر إلى الدور الذي تلعبه الترجمة باعتبارها جزء أساسيا في تاريخ الحضارات الفاعلة، ومحركا للتفكير العلمي والإبداع الثقافي. وأبدت المسؤولة الأولى على القطاع لدى افتتاحها أمس أشغال ''الندوة الدولية الأولى للترجمة الأدبية بالجزائر ''بفندق الأوراسي أسفها للإهمال الذي تعرفه ترجمة الأعمال العربية، خاصة منها الرواية والمسرحية والشعر بسبب مستحقاتها الباهظة، والتي دفعت بالناشرين إلى'' تفضيل نشر الكتب الظرفية والسياسية على حساب الأعمال الأدبية ''، الأمر الذي جعل من هذه الترجمة تقول تومي مجرد سلعة. وفي حديثها عن فضل الترجمة، قالت وزيرة الثقافة أن الترجمة أساس الحوار الثقافي والحضاري الذي يطرح نفسه بحدة في السنوات الأخيرة، كحل للصراعات القائمة، والتي تنشأ في كثير من الأحيان حسبها بسبب عدم معرفة الآخر والجهل بثقافة الغير. أكثر من هذا ترى تومي أن تفكك حركة الترجمة اليوم تسبب بشكل واضح في هشاشة الحضارة،لا لشيء إلا لأنها فاقدة لمؤسسات ذات استراتجية ترعى المترجمين، وتخطط لما ينبغي أن يترجم. وتعود تومي لتؤكد أن الترجمة ليست خيانة وإنما إبداع وإعادة إنتاج، وان المترجم هو القناة الممهدة للتبادل المعرفي ولتجسير التواصل الإنساني بين الثقافات المختلفة . وفي سياق مماثل أرجعت الوزيرة قلة القراءة والمقروئية في الجزائر، كما في الدول العربية إلى عدم اهتمام المؤسسات التربوية بالعمل الروائي المترجم من والى مختلف اللغات. وبالمناسبة أشادت الوزيرة بجهود المترجمين في مختلف دول العالم، الذين يرجع لهم الفضل في التعريف بالروايات التي أصبحت عالمية ك''كليلة ودمنة'' و''ألف ليلة وليلة'' و''الجريمة والعقاب'' و''البؤساء''، وكذا ترجمات المبدعين الكبار، أمثال غارسيا ماركيز، وكاتب ياسين، ومالك حداد، وبن هدوقة، الذين وصفتهم برواد النهضة العالمية. وتواصلت أشغال الندوة التي تستمر إلى غاية ال5 من ديسمبر الجاري، بإلقاء المشاركين من أساتذة جامعيين وباحثين ومترجمين ومسؤولي دور النشر، مداخلات حول واقع الترجمة الأدبية، منها محاضرة الأرجنتيني كارلوس ألفارادو حول''ترجمة الأدب الجزائري''، حيث دعا فيها المترجم إلى الالتزام بالحذر والتحلي بالإرادة والعزيمة وان يحتفظ بالروح الأصلية للنص عند ترجمته. أما مصطفى حشلاف من المغرب، فكانت مداخلته حول موضوع ''جاك دريدا المترجم بين المصداقية والإبداع''، الذي أكد بدوره على ضرورة حماية النص الأصلي خلال عملية الترجمة. من جهتها تطرقت الهولندية ديزيري كينس في مداخلتها حول ''ترجمة الأدب الجزائر المكتوب بالفرنسية'' إلى أهمية الشكل في الترجمة، الذي اعتبرته ضروريا لنجاح أي عمل أدبي مترجم.