ذكر الدكتور أحمد عظيمي، أمس، في ندوة المجاهد التي نظمها الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، احتفاء بدور المرأة في ثورة التحرير، قصة مؤثرة جدا، ومعبرة عن الدور العظيم للمرأة الجزائرية، أثناء الثورة. القصة، هي للبطلة الرمز جميلة بوحيرد التي قال لها الزعيم الصيني الراحل "ماو تسي تونغ" وهو يستقبلها ببلاده أنه تأثر في حياته بشخصيتين، وبالصدفة كانت الشخصيتان جزائريتين، الأولى هي الأمير عبد القادر الذي اعتمد في بناء دولته الحديثة، أسلوب العاصمة المتنقلة، والثانية هي "أنت"، أي جميلة بوحريد، التي كان القاضي الفرنسي الذي نطق في حقها الحكم بالإعدام يتوقع أن تنهار في قاعة المحكمة، فإذا بها ترد عليه بلغته "نحن لنا المستقبل، وأنتم لكم الماضي". وقال "ماو": "الأول أوحى لي بفكرة المسيرة الكبرى التي قمت بها سنة 1949، وأنت أوحيت لي بالثورة الثقافية". فمن من شباب الجزائر يعرف هذه القصة التي تختزل وحدها عظمة هذا الشعب اليوم؟ وكم أحرج شبابنا اليوم لمعرفة مثل هذه القصص، ليس للتفاخر بالبطولات والانغلاق في دائرة الماضي، وإنما ليسترجع ثقته بنفسه وليخلق لنفسه من تجارب الماضي سلاح المستقبل، فالذي لا يعرف تاريخه والذي يجهل رموزه، سيخطئ حتما طريق مستقبله، والذي لا يعرف من أين أتى، لن يعرف إلى أين يذهب؟ فالشعوب مثل الأشخاص، لا تعرف الاستقرار والتوازن، إلا بمعرفة هويتها وانتمائها وذاكرتها. المصيبة أن ما نعيشه اليوم من ابتعاد عن مبادئ نوفمبر، وما نشهده اليوم من فساد مستشر في دواليب السلطة، وحتى أمثلة تسيء إلى عظمة الثورة، من أناس كانوا بالأمس من صناع هذه الصفحة التاريخية، جعل الشباب أحيانا يشمئز عند الحديث عنها، فقد اختصرها البعض في مجموعة من المجاهدين استأثروا بخيرات البلاد، وفهمها آخرون بأنها سجل تجاري يستعمله البعض على حساب السواد الأعظم من الشعب الذي يرى نفسه رغم ما قدمه من تضحيات لم يجاز الجزاء الذي يستحقه. إنها مناسبة خمسينية الاستقلال، ولا تعني المناسبة أوبرات ممسوخة نغدق فيها بالمال على أجانب لم يقرأوا حتى تاريخنا، وفي تاريخنا من الدروس والعبر التي تسعها عشرات المجلدات.. فهل عرفنا كيف نرويها؟!