دعا عبد الحميد أبركان، الوزير الأسبق للصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أمس، السلطات إلى إعادة النظر في السياسة الصحية التي تنتهجها الجزائر بالشكل الذي يحقق تكفلا صحيا نوعيا بالمواطنين. مداخلة الوزير السابق للصحة وإصلاح المستشفيات جاءت على هامش مؤتمر الرعاية الصحية في شمال إفريقيا، الذي احتضنه أمس نزل الهيلتون، بحضور أزيد من ستين مختصا في مختلف القطاعات الصحية عبر العالم. وأكد الوزير الذي حاضر حول واقع الصحة في الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال أن الإرادة السياسية الموجودة بخصوص القطاع لم تتم ترجمتها بالشكل الصحيح في الميدان، داعيا في هذا الجانب إلى إعادة النظر في أساليب التكوين بالشكل الذي يطور الصحة الجوارية، ويوفر فرصا متساوية للمواطنين بالشمال والجنوب في العلاج. وفي هذا الإطار، قال أبركان إن الجزائر حققت أشياء كثيرة في القطاع الصحي، خاصة في مجال التغطية الصحية التي تساهم فيها الدولة بنسبة 70 في المائة مقارنة بدول الجوار. وحسب المتحدث، فإن الجزائر اليوم مدعوة إلى تبني اللامركزية من أجل تطوير مخطط الصحة الجوارية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن القطاع الخاص الذي صار يوما بعد آخر يأخذ مكانه في القطاع هو بحاجة إلى إعادة التنظيم من أجل المساهمة في تطوير الصحة. وأثناء حديثه عن أفق القطاع في الجزائر أشار أبركان إلى وجوب إعادة النظر في نوعية التكوين لأن البلد اليوم يكون أطباء لا يحتاجهم، ويستفيد منهم الخارج، ولأن معالجة مشاكل القطاع لا يمكن النظر إليها خارج إطار الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد، قال إن الجزائر اليوم بحاجة لسياسة واضحة بأهداف واضحة تحدد مباشرة احتياجات المجتمع، خاصة في مجال الأمراض المتنقلة. والرأي نفسه تقاسمته الدكتورة مليكة لعجال التي أكدت أن تحقيقا اجتماعيا في الميدان كشف أن 90 بالمائة من المواطنين الذين شملهم البحث يعودون دائما إلى الطبيب الذي زاروه، لذلك نحن بحاجة إلى إعادة النظر في سياسة التكوين والاستثمار في العنصر البشري. من جهته، الدكتور أمير توافق رئيس المؤتمر ونائب رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات الصيدلة، وجه نداء إلى وزير الصحة عبد العزيز زياري بطالبه فيه بضرورة إعادة النظر في المنظومة التشريعية للقطاع الصحي، مستغربا في الإطار تسيير المنظومة الصحية عندنا بقانون صادر في 1976، والذي عدل مرة واحدة فقط في 1985. أما لطفي بن با أحمد ممثل المجلس الوطني لأخلاقيات الطب، فقد أكد أن الجزائر اليوم بحاجة إلى إعادة التموقع ضمن المنظومة الصحية العالمية بالشكل الذي يسمح لها بتدعيم إنجازات خمسين سنة من الاستقلال، وكذا مواجهة الكثير من النقائص في هذا المجال، خاصة وأن عدة أمراض كانت تصنف في إطار أمراض الفقر مثل السل والجرب قد عادت مؤخرا، وهذا زيادة على الأمراض التي يعرفها العالم العصري مثل السرطان، كما دعا المتحدث إلى وجوب تنظيم سوق الدواء بالاستفادة من التكنولوجيات المتطورة ”فمن غير المعقول أن تبقى الجزائر تابعة دائما للخارج في هذا المجال”. الملتقي الذي ينتظر أن يختتم اليوم أشغاله بمناقشة المخطط الوطني لمكافحة السرطان، ناقش السياسات المغاربية للصحة بعرض تجارب تونس والمغرب وطرق تكييف أنظمتها الصحية مع المستجدات الدولية.