أبرزت الأستاذة لويزة شاشوة رئيسة لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن بمجلس الأمة، مختلف المراحل التي مرت بها المنظومة الصحية في الجزائر منذ الاستقلال، إلى غاية اليوم، وأكدت انه بالرغم من بعض النقائص المسجلة ان الخدمات الصحية والتكفل بالمرضى في الجزائر في تحسن مستمر، وقدمت الدليل بالأرقام حول تطور القطاع بعد 50 من الاستقلال. ركزت الأستاذة شاشوة في المداخلة التي قدمتها خلال اليوم البرلماني حول المنظومة الصحية وتطورها منذ الاستقلال المنظم أمس بمجلس الأمة، الذي حضره وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات جمال ولد عباس، ووزاء سابقون للقطاع عمار تو وعبد الحميد أبركان، أن عدد الأطباء الجزائريين في سنة 1962 لا يكاد يعد على أصابع اليدين، وقد كان تحد كبير بالنسبة للجزائر لوضع نظام صحي يضمن تقديم الخدمات الصحية التي كانت بحاجة إليها السكان الذين خرجوا من حرب ضارية مع المستعمر، والتي خلفت أثارا جسمية ونفسية عليهم، بالإضافة إلى انتشار الأمراض المعدية جراء الفقر المدقع الذي كان يعيشه الشعب الجزائري آنذاك. ولذلك فان أول نظام صحي وضع ما بعد الاستقلال وبالتحديد في العشرية الممتدة من 1972 إلى 1982، والمتمثل في العمل على ضمان تلقي العلاج لمختلف السكان في الجزائر، وقد وضعت مكافحة الأمراض المعدية كالتيفوئيد والكوليرا التي كانت تحصد الأرواح أولوية، وقد حقق هذا التخطيط نتائج هامة جدا. وذكرت المتحدثة في مداخلتها وأثناء النقاش بأن الدولة ومنذ الاستقلال أولت أهمية بالغة للصحة باعتبارها قطاع حيوي، وقد خصصت ميزانيات معتبرة، ما فتئت تزداد في كل مرة، حيث تضاعفت قيمتها إلى 7 مرات ونصف منذ سنة 1962، مشيرة إلى الإصلاحات التي خضع إليها القطاع والتي أتت ثمارها المرجوة حسب تأكيدها على ذلك، من خلال ارتفاع عدد الهياكل الصحية عبر التراب الوطني، وضمان التغطية العادلة للخدمات الصحية لكل السكان في مختلف المناطق دون إقصاء أو تهميش، بالإضافة إلى التقليص من فاتورة العلاج إلى الخارج، وكذا انخفاض فاتورة استيراد الأدوية. الأستاذ هلالي ل«الشعب»: الفساد ساهم في تفاقم ندرة الأدوية وبالرغم من التطور الذي عرفته المنظومة الصحية عموما، إلا ان قطاع الصناعة الصيدلانية ما يزال يعرف إشكالية ندرة الأدوية التي لم تتمكن الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها في إطار السياسة الصحية الجديدة، هذا ما أثاره الأستاذ عبد القادر هلالي رئيس مصلحة التنبه إلى الأعراض الجانبية للأدوية وحوادث الأجهزة الطبية من خلال التصريح الذي أدلى به «للشعب» على هامش هذا اللقاء. وأفاد في معرض رده عن سؤال حول العوامل المؤثرة في الندرة، قال ان الفساد أحد أهم هذه الأسباب التي تؤدي إلى التذبذب الذي يعرفه سوق الأدوية. واعتبر المتحدث بان الميزانية الكبيرة الموجهة للاستثمار في القطاع، قد ساهم في ظهور الرشوة والفساد، ولمكافحة هذه الآفة التي تنخر ليس قطاع الصيدلة فحسب بل الاقتصاد الوطني ككل، أكد هلالي على ضرورة اعتماد البرنامج الذي اقترحته المنظمة العالمية للصحة، والذي أعطى نتائج هامة في البرازيل. وأوضح بان اعتماد برنامج مكافحة آفة الفساد ضروري من اجل الوقاية خاصة وان الجزائر بلد مستهلك للأدوية، والطلب ما فتئ يتنامى بفعل ارتفاع عدد المرضى المزمنين، والمصابين بأمراض العصر كالسرطان و«السيدا». ويرى ان حل مشكلة الندرة التي يعرفها قطاع الأدوية يتطلب بالضرورة اعتماد سياسة إصلاح للمنظومة الصيدلانية، والاستفادة من الكفاءات التي تتوفر عليها الجزائر في هذا المجال لضمان الحكم الراشد، لضمان وفرة المنتوجات الصيدلانية الأساسية والتي يصل عددها إلى 300 منتوج حسب ما تنص عليه المنظمة العالمية للصحة. وأكد بان الجزائر تمتلك كل الأوراق التي تمكنها من إرساء صناعة صيدلانية، وإنتاج أدوية بالكمية والنوعية المطلوبة، مشيرا بأن الجزائر توجد في المرتبة الأولى مغاربيا من حيث قيمة النفقات التي توجهها لهذا القطاع. وبالرغم من التطور الذي عرفه قطاع الصحة في الجزائر، إلا ان إشكالية كبيرة ما تزال مطروحة، وقد أشار لها أغلب المتدخلين في النقاش، والتي تتمثل في عدم رضا المواطنين، والمسيرين عن المنظومة الصحية الحالية.