10 أخطاء في مذكرات الشاذلي الحلقة الثالثة نتطرق في الحلقة الثالثة والأخيرة (*) حول مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد، إلى بعض النقاط التي حاول أن يسلط عليها قليلا من الضوء، من خلال الإدلاء بشهادة مفيدة وأن كانت غير كافية. مثلا يذكرنا بمشروع فرنسي في بداية السعبينات، كان يستهدف تدبير انقلابات على الحكام حينئذ: بورڤيبة في تونس، بومدين في الجزائر والملك الحسن الثاني في المغرب. كان أبطال هذا المسلسل الفرنسي: أوفقير وشابو (من ضباط فرنسا في الهند الصينية)، وجنرال تونسي (لعله زين العابدين بن علي). والطريف في الأمر أن كلا من شابو وأوفقير كانا يعتبران العقيد بن جديد قائد الناحية الثانية من "رجالهم" في الجزائر!. يذكرنا كذلك، بأن الجيش الجزائري لم يكن في أواخر 1975 جاهزا، للرد العسكري على احتلال المغرب للصحراء الغربية، وهو الذي نبه الرئيس بومدين إلى ذلك... يحدثنا الرئيس الراحل أيضا عن دوره في طي ملف "المعارضة المغربية المسلحة" بالجزائر، بعد أن اكتشف اخترق الأمن المغربي لها. وارتأينا أن نختم الحديث عن مذكرات الرئيس بن جديد، بالتنبيه إلى بعض الأخطاد في المعلومات والتواريخ، بأمل تداركها في الطبعات القادمة. إعداد محمد عباس مشروع "انقلاب ثلاثي" في المغرب العربي: شابو وأوفقير يعتبران بن جديد "رجلهم"!
كلفني الرئيس هواري بومدين في ربيع 1970، برئاسة الوفد الجزائري المشارك في "الأعياد الثلاثة المجيدة" بالمغرب، أي أعياد العرش، الشباب والجيش الملكي، كانت العلاقة بين البلدين طيبة، واستقبلنا الأشقاء في المغرب بحفاوة بالغة.. وحضرنا الإستعراض العسكري الذي أقيم بالمناسبة.. والذي شاركت فيه تشكيلة عسكرية جزائرية... بعد الاستعراض كلف الملك الحسن الثاني الجنرال أوفقير، بتنظيم حفلات على شرف الوفد الجزائري يسهر عليها شخصيا، وكان أوفقير قبل ذلك قد سأل شابو عن إمكانية الحديث معي سياسيا.. أثناء زيارة الوفد الجزائري للدار البيضاء، اتصل بي ضباط شباب برتبة رواد، فهمت من خلال الحديث معهم أنهم يريدون أن يبلغوا لي رسالة ما في الأخير قالوا لي بعد تردد: حاولوا أنتم في الجزائر أن تمنعوا القذافي من إقامة وحدة مع مصر، ريثما نطيح نحن هنا في المغرب بالملكية ونقيم نظاما جمهوريا، ثم نبني بعد ذلك اتحاد المغرب العربي الكبير. أعترف أنني فوجئت لجرأتهم، وتساءلت في قرارة نفسي هل هؤلاء الضباط جادون فيما يقولون؟ أم أنهم يريدون اختيار نوايانا في الجزائر؟ وأثناء زيارتنا لمراكش، حيث أقمنا بفندق "المأمونية" الفخم، تكرّر نفس السيناريو... كنت متعودا على النهوض باكرا، وتناول فطور الصباح في البهو، في ذلك اليوم كنت وحدي اقتراب مني شاب واستأذن بالجلوس.. وبعد تردد كرّر علي نفس الكلام الذي سمعته من الرواد الشباب بالدار البيضاء.. افترضت عقب المحاولتين أن أوفقير أما أنه يريد أن يختبرني ويعرف موقفي من الملك والملكية وإما أنه جاد في نواياه ويخطط لشيء ما. حين عدت إلى الجزائر أخبرت بومدين بالأمر، فابتسم كعادته ولم يرد علي، هل كان على علم بالأمر؟ لا أدري. لم تكن تربطني بالجنرال أوفقير أية علاقة، فلماذا إذا حاول أن يختبر موقفي في هذه المسألة؟ سؤال مازال يحيرني إلى اليوم. كنت في الحقيقة أعرف علاقتة الجيدة بالعقيد عبد القادر شابو أمين عام وزارة الدفاع الوطني، فكلاهما من قدماء الجيش الفرنسي، ويوم تحطمت المروحية التي كانت تقل شابو في أفريل 1971، حضر الجنرال أوفقير جنازته، وبكاه بدموع حارة. كانت هناك معلومات غير مؤكدة، عن تنسيق بين أوفقي، شابو وجنرال تونسي خدم هو الآخر بالجيش الفرنسي، لتنظيم انقلابات في بلدان المغرب العربي برعاية من فرنسا، وكان هذا المسعى يندرج في خطة مدروسة وبعيدة المدى، لحماية المصالح الفرنسية في المنطقة. ولعل أوفقير، أراد أن يتأكد من موقفي، من أي تغيير سياسي محتمل في منطقة المغرب العربي، لأن شابو أقنعه بعد أن علم أنني سأقود الوفد العسكري الجزائري، بأن الشاذلي بن جديد "هو رجلنا"، وأنه "سيؤيدنا في أية محاولة تغيير". الصحراء الغربية.. هل نسف بن جديد الخيار العسكري؟! "كان (الرئيس هواري) بومدين منشغلا بالعلاقة مع المغرب وقضية الصحراء الغربية، وكنت ألاحظ ذلك عليه في اجتماعات مجلس الثورة، وأثناء زياراته المتكررة إلى الناحية العسكرية الثانية، وكانت القضية الأخيرة بالنسبة إليه مسألة شرف وتحد، وكان يردد دوما أنه لن يسمح للملك بالإستيلاء على الصحراء على حساب الصحراويين. كانت المسيرة التي نظمها الملك لاحتلال الإقليم الصحراوي بمثابة نقطة اللارجوع.. وطرح أمام الجزائر (مطلع 1976) خياران: العسكري والدبلوماسي، وكان الخيار الأخير يرتكز على التفاوض، مع التمسك بالشرعية الدولية، وقرارات الأممالمتحدة، ومحكمة العدل الدولية بلاهاي. في أحد اجتماعات مجلس الثورة، ناقشنا مطولا مشكل الصحراء الغربية من كل جوانبه، كان بومدين حريصا على معرفة رأي كل واحد منا، طرح مسألة جاهزية الجيش الجزائري في حالة وقوع حرب، فلم يتخدل أحد من أعضاء المجلس، وحين طلب رأيي قلت له: إن الجيش بحاجة إلى إمكانيات وتنظيم، وأننا موضوعيا غير جاهزين لتموين الوحدات، بعيدا عن قواعدها في حالة حرب". كان بومدين هو وزير الدفاع والمسؤول الأول عن القوات المسلحة، ولم يكن من حقي أن أكذب عليه في مثل هذه المسألة الحساسة، لكن ما سمعه لم يعجب، فقال في لحظة غضب "إذا ما عنديش رجال!"، وبعد أن كرّرت له أن هذه هي الحقيقة، ويجب أن نأخذها بعين الإعتبار، رد علي "ما نيش عليك يا الشاذلي! ما نيش عليك!" ربما كان يقصد الأعضاء الآخرين، ثم التفت إلى عبد العزيز بوتفليقة قائلا "حضر إذن كتائبك يا سي عبد العزيز"، وكان يقصد بذلك اللجوء إلى الإختيار الديبلوماسي بعد خروجنا من الإجتماع قال لي أحد أعضاء مجلس الثورة "لماذا تعارضه في الإجتماع؟ هو سيتذكر ذلك وسينتقم منك"، ثم أضاف "لو كان رجلا لرمي برنوسه وذهب إلى بيته"! استغربت ذلك منه، خصوصا أنه كان يحتمي بهذا البرنوس، ثم أجبته: أنا عسكري مثله وأقول كلامي بصراحة، وأنا مستعد للخروج إلى التقاعد وأصبح مواطنا عاديا" وقد كررت هذا الكلام لبومدين في عدة مناسبات، لكن ثقته بي لم تتزعزع وكان يفضل صراحتي على رياء المتملقين. بعد هذه الحادثة، كلف بومدين كلا من زرقيني وسليم سعدي بإجراء تفتيش عام لوحدات الجيش في الناحية الثانية، وتقديم تقرير مفصل عن وضعيتها، من حيث التنظم، التسليح، التموين والجاهزية للقتال، وبعد شهر قدما له تقرير، أكد فيه كلامي في مجلس الثورة، بل أن التقرير كان أكثر سوداوية مما قلته، وبعد أن أطلع على محتواه، غضب وطردهما من مكتبه!. لكن كان بيننا مغامرون، أقنعوا بومدين بإمكانية تدخل كتيبة من جنود الخدمة الوطنية من بشار فوقعت مقالة الأول المؤسفة حيث أسر جنودنا.. كانت مغامرة لم يحسب لها أي حساب على المستويين السياسي والعسكري، وقد أدت إلى خلق جو من الإستياء في أوساط الجيش. وكان بعض أعضاء مجلس الثورة يسعون سرا إلى تحميل بومدين مسؤولية هذا العار، ويتهمونه بتلطيخ سمعة الجيش! لكن مقالة الثانية أنقذت الموقف، وأشعرت بومدين أنه أصبح في موقف قوة. الجزائر المغرب: محاولة فصل العلاقات الثنائية عن قضية الصحراء الغربية cظلت العلاقات الجزائرية المغربية متأزمة، إلى أن التقيت الملك الحسن الثاني في 26 فبراير 1983 على الحدود بين البلدين، وقررنا إعادة فتح الحدود بين البلدين التي ظلت مغلقة منذ 1975. كانت هذه هذه الخطوة الأولى في ملفي العلاقة بين الجزائر والمغرب وقضية الصحراء الغربية اللذين ورثهما عن المرحوم هواري بومدين، وسهرت على الإشراف عليهما طيلة 13 سنة، بروح الإستمرارية في النهج والثبات في الموقف. كان هناك من راهن على تخلي الشاذلي بن جديد عن قضية الصحراء الغربية ونفض يده منها، من منطلق أن المشكل في جوهره هو خصومة شخصية بين الرئيس بومدين والملك الحسن الثاني، هؤلاء تناسوا أن موقف الجزائر هو موقف مبدئي، ينطلق من حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحل بؤر التوتر والنزاعات في إطار الشرعية الدولية. 10 أخطاء في مذكرات الشاذلي
يفاجأ من يطلع على مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد، أنه كان يروي من الذاكرة على مسجل ومحرر هذه المذكرات ولم يتحر التدقيق في الأمور التي تشتبه عليه من معلومات وتواريخ.. هذه الملاحظة تطرح مشكلة الكتابة بالإستناد إلى الذاكرة التي من المعروف أن النسيان يطالها كلما تقدم صاحبها في السن، وكثيرا ما يؤدي إلى خلط في المعلومات والإنطباعات الظرفية، وحتى في التواريخ المعلومة الشائعة كما تطرح مشكلة السند الذي من المفروض أن يساعد الرئيس أي رئيس بعد انتهاء عهدته، فالأعراف السائدة في البلدان ذات التقاليد العريقة، أن أنظمة الحكم بها تتكفل بنوع من الأمانة الدائمة للرؤساء السابقين، تتولى ترتيب وثائقهم، وتساعدهم على متابعة الأحداث، وفي كتابة مذكراتهم عندما يقررون ذلك والملاحظ أن الرئيس بن جديد لم يستفد من هذه الأمانة وخذماتها، فجاءت مذكراته تحمل في طياتها الكثير من الأخطاء، يمكن تفهم بعضها بالنظر إلى أهمية وغزارة الأحداث التي عاشها كفاعل وشاهد قريب. ونقف في هذه العجالة عند أهم الأخطاء بنية أن يتول الكاتب والناشر تفاديها في الطبعات القادمة. (1) يقول الرئيس بن جديد أنه أصيب في رجله أواخر صائفة 1955، بينما كان ينتظر قدوم مركب أسلحة (من مصر) بالخيان غرب القالة.. ويعبر عن اعتقاده بأن المركب المنتظر هو "يخت دنيا" الشهير الذي كان من ركابه المتطوع الشاب محمد بوخروبة (هواري بومدين لاحقا).. والمعروف أن يخت دنيا أرسى شرق بلدة الناظور المغربية، في أواخر مارس 1955، وقد ترك لنا قائد العملية نذير بوزار كتيبا قيما حول هذه "الأوديسا" قبل عنوانه.. (2) ترتب على الخطأ الأول خطأ آخر، وخلط واضح بين الأحداث والأزمة يقول الرئيس الراحل إنه إثر إصابته في رجله، نقل إلى منطقة الحدود، حيث بقي شهرا في المستشفى، لكنه يضيف أنه كان ما يزال في نقاهة بسوق الأربعاء (تونس)، عندما تزال بها الرائد عميروش في نوفمبر 1956! (صفحة 80 81). فهل امتدت نقاهة المصاب بن جديد 14 شهرا كاملة؟ أم أن الأمر يتعلق بإصابة ثانية نسي ظرفها وزمانها؟، ثم أن عمروش لم يحل بالتراب التونسي أول مرة، إلا في أواخر يناير أو بداية فبراير 1957، حسب مرافقه وكاتبه حسين بن معلم. 3 تحدث كذلك عن "ولاية سوق أهراس"، وقيادة عمارة (بوڤلار) العسكري لها في ربيع 1956. في هذا التاريخ كان بوڤلاز، قد خلف الوردي قتال الذي عاد مع جنوده إلى منطقة تبسة، وكان التقرير الذي وجهه إلى مؤتمر الصومام في نفس الفترة (يونيو 56) يتعلق بناحية شمال سوق أهراس إلى القالة التي شرف عليها، والتي يطلب من المؤتمر أخذها كأمر واقع بعين الإعتبار. فالحديث عن ولاية سوق أهراس، يومئذ سابق لأوانه، وكان الأمر يتعلق بمجرد مشروع لم ير النور، وكان من المفروض أن يتول قيادة هذه الولاية محمود الشريف وليس بوڤلاز.. الذي ما لبث أن استقل بالقاعدة الشرقية في مطلع 1957. ويقول عن تقرير جماعة بوڤلاز الذي انتدب لإبلاغه مؤتمر الصومام كل من عمار بن زاودة والحفناوي رماضنية، أن الطاهر بودربالة استلم التقرير منهما، رفقة شخص ثان قد يكون علي كافي.. (ص86)... المعروف أن بودربالة كان من مساعدي بن عودة في الناحية الثالثة (جبال أيدوغ) من منطقة شمال قسنطينة، بينما كان كافي يومئذ مع زيغود في الناحية الثانية (غرب رأس الحديد إلى القل شمالا).. 4 تحدث أيضا عن اقتراح ناحية المشروحة (سوق أهراس) لإحتضان مؤتمر الصومام، ولا يتعلق الأمر هنا بمؤتمر الصومام، ولكن بمجرد فكرة من الشهيد مصطفى بن بولعيد الذي كان يفكر فعلا في اجتماع لقادة الثورة، بمكان آمن قريب من الحدود الجزائريةالتونسية.. وكان قبيل استشهاده قد أرسل لجنة تحقيق إلى الناحية التي يشرف عليها الوردي قتال.. وقد يكون من مهامها البحث عن مكان مناسب لهذا الغرض. وقد استشهد مساء 22 مارس 1956، قبل عودة اللجنة، وقبل التمكن من تجديد الإتصال بكريم وزيغود. 5 اقتحم الرئيس بن جديد بن طبال قائد الولاية الثانية في موضوع التوقيع على وثيقة إنشاء أو ترسيم القاعدة الشرقية، خلال الفصل الأول من عام 1957، علما أن القرار صدر عن لجنة التنسيق والتنفيذ الأولى التي لم يكن بن طبال عضوا فيها (ص 93). 6 ينيب إلى الجنرال شال منصب "قائد أركان الجيش الفرنسي"، ويقول إنه انتهى من تطبيق خطته خلال النصف الأول من عام 1958. المعروف أن شال كان قائدا أعلى للجيش العامل بالجزائر، أي الناحية العاشرة، حسب انتشار الجيش الفرنسي بفرنساوالجزائر، وقد عين خلفا للجنرال صلان في أواخر ديسمبر 1958، وشرع في تطبيق خطته ابتداء من فبراير من السنة الموالية. 7 - ذهب إلى أن المجاهد (البطل) لخضر بلحاج (1)، حوكم في قضية العموري خلال الفصل الأول من سنة 1959... لكن عند مراجعتنا لمحضر المحاكة لم نجد له ذكرا... كما أننا لم نجد له ذكرا في جبهة مالي (أواخر 1960) التي أرسل إليها فعلا بعض المعاقبين في قضية العموري، من الولاية الأولى والقاعدة الشرقية. -8 ذكر أن الرائد الطاهر الزبيري تمكن من اجتياز خطي شال وموريس في نهاية 1960، والمعروف أنه فعل ذلك في أواخر ربيع نفس السنة، والتحق بالأوراس في يوليو. وأخطأ أيضا في توقيت تمرد النقيب علي حمبلي، الذي وقع في مارس 1959 وليس في أواخر 1958 كما جاء في المذكرات. -9 يخطئ الرئيس الراحل أيضا في توقيت آخر دورة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية، حين يقول إنها انعقدت من 21 إلى 28 مايو 1962 ... والمؤكد أنها جرت ما بين 27 مايو و6 يونيو من نفس السنة، علما أن "لائحة (2) التقصير" الشهيرة -ضد الحكومة المؤقتة- تحمل تاريخ 7 يونيو 1962. -10 يخطئ أيضا في اسم سلفه على رأس ناحية قسنطينة، الرائد العربي بالرجم الميلي الذي يذكره باسم العربي ميلة... للتذكير أن هذا الأخير كان من خلفاء قيادة الأركان المنشقين على قيادة الولاة الثانية التي كان على رأسها العقيد صالح بوبنيدر (صوت العرب). وكان العربي الميلي مرفوقا في انشقاقه، بالرائد رابح بلوصيف الذي يسميه الرئيس بن جديد الطاهر! ويبدو الرئيس بن جديد في مذكراته مصابا "بمرض التسبيق"، أسوة بمعظم المجاهدين! ولا شك أنه أتعب بذلك الزميل عبد العزيز بوباكير -كاتب المذكرات- فأصبح بدوره يخلط بين سبتمبر وديسمبر!. تقول المذكرات بشأن مرض الرئيس بومدين ووفاته: "وفي نهاية سبتمبر 1978 علمنا بمرض الرئيس، بعد عودته من اجتماع جبهة الصمود والتصدي في دمشق، وفي 27 من الشهر نفسه توفي رحمه الله، (ص 262). يقصد طبعا 27 ديسمبر! (انتهى) (*) طالع "الفجر" عددي الإثنين والثلاثاء 29 و30 أكتوبر 2012. (1) وال سابق (تيارت)، كان شارك صائفة 1957 في فتح جبهة غات بغزان (ليبيا)، تحت قيادة الرائد مولود إيدير. (2) أعدها أنصار التحالف بين بن بلة وبومدين في مجلس الثورة. المعارضة المسلحة المغربية كانت مخترقة أصبحت المعارضة المغربية في بلادنا، والتي ورثناها عن حكم بن بلة، تشكل عقبة في طريق تجاوز التوتر في العلاقات الجزائرية المغربية، كان الملك الحسن الثاني يصر في كل مرة، على حد هذه المعارضة التي لجأت إلى الجزائر سنة 1963، معتبرا ذلك شرطا مسبقا لإعادة بعث الدفء في العلاقة بين البلدين.. كانت القيادة السياسية لهذه المعارضة تنشط في العاصمة أما تنظيمها المسلح فكان في مركزين يغرب البلاد، الأول في سيدي بلعباس والثاني في المحمدية، أي في إقليم الناحية الثانية التي أشرف عليها، اتصل بين الرئيس بومدين في إطار التمهيد لأول زيارة للمغرب، لاستشارتي في الموضوع، قدمت له عرض حال حول المسألة ثم قلت "إنني لا أومن بمعارضة تنشيط خارج بلدها، وإن الإخوة المراكشيين إذا أرادو أن يعارضو حكم الملك، فليفعلوا ذلك داخل بلدهم"، شرحت لبومدين كذلك، أن بحوزتي معلومات تقول إن المخابرات المغربية اخترقت صفوف هذه المعارضة. اقتنتع بومدين بوجهة نظري، وطلب مني التصرف بما تمليه المصالح العليا للبلاد. كان الجيش يشرف على تسليح هذه المعارضة وتدريبها، أما الإشراف السياسي والدعم المادي فكان من صلاحيات جبهة التحرير الوطني.. أعطيت أمرا لمصالح الأمن بحل التنظيم المسلح واسترجاع السلاح، وكنت حريصا على أن أوفر فرص العمل في مزارع التسيير الذاتي، لمن أراد من أعضائها البقاء في الجزائر، أما من أراد الإستفادة من العفو الملكي، فقد سهلنا لهم أسباب المغادرة.